الجمعة 22 نوفمبر 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

 

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيث"، ويقول عز من قائل: "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ"، كما يقول سبحانه أيضا: "فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ".. صدق الله العظيم .

وتدل هذه الأحاديث على ما يتمتع به كتاب الله ـ القرآن الكريم ـ من مكانة وقدسية تعلو فوق كل شيء، فلا حديث بعد كلام الله، ولا كلام مقدس منزه عن الهوى، أكثر من القرآن الكريم، المصان في اللوح المحفوظ، لذا فهو الأحق أن يتبع. 

أما من يتبع ما تتلوه شياطين الإنس، من أساطير وخرافات وروايات، فهم بها الأخسرون في الدنيا والأخرة، وسيضل الله أعمالهم، إذ يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ".. صدق الله العظيم.

كيف تجرّأ الجهلة على القرآن الكريم؟! وكيف اتبعوا الباطل وهجروا كلام الله؟! كيف انساقوا خلف روايات من صنع البشر؟! وكيف اتخذوها بديلًا عن قرآن الله الكريم؟! كيف تسببت تلك الروايات في خلق دين جديد، لا صلة له برسالة الإسلام، التي يأمرنا الله باتباعها في كتابه المبين؟ّ! 

كيف تفاقم المرض في قلوب أمة الإسلام؟! وما الذي حدث لعقول العرب المسلمين؟! وكيف ضاقت عليهم أنفسهم وعقولهم، حتى وصلوا إلى هذا المنحدر، وتطاولوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما أنزله الله عليه من قرآنٍ مبين؟!

 

الحقيقة أن وراء كل ذلك جريمة مكتملة الأركان، تمثل أفظع الخطايا في حق دين الله الحنيف، وهي جريمة ناجمة عن تآمر من بني اسرائيل، ضد الرسالة المحمدية، محاولين بشتى الطرق القضاء على رسالة الإسلام في مهدها، منذ بداية بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.

فشل اليهود

حرض اليهود كفار قريش على اغتيال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولما فشلوا شنت قبائلهم من بني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع، حروبًا عِدة، لإعاقة تبليغ رسالة الإسلام للناس كافة، ولكن فضل الله كان عظيما، إذ نصر رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وهزم اعداءه الآثمين شرّ هزيمة، في كل المواجهات والمعارك. 

وعندما عجزت حيلة اليهود، وانهزمت إرادتهم، أمام إرادة الله سبحانه وتعالى، اتجهوا إلى زرع الفتن، وبث الشائعات، وافتراء الأكاذيب، على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاختلقوا آلاف الروايات ونسبوها للصحابة، زاعمين أنهم نقلوها عنه صلى الله عليه وسلم، واستطاعوا بحيل ماكرة أن يقنعوا بها عددا كبيرا من دعاة المسلمين.

ثم بالغ اليهود في تضخيم مكانتهم داخل العالمين العربي والإسلامي، بكل وسائل الدعاية، من طباعة عشرات الآلاف من الكتب، والمجلدات، لإضفاء المصداقية التقديس على تلك الروايات، فاندفع المسلمون من كل مكان، يمجدونهم ويقدسون آراءهم، حتى أصبح أولئك العلماء بمثابة المراجع الدينية غير القابلة للنقد أو لتصحيح المفاهيم التي يروجون لها، رغم أنها تنال من الرسول عليه الصلاة والسلام، بل ومن القرآن الكريم، واعتبرو هذه الأفكار مسلمات غير قابلة للمناقشة، أو المراجعة.

خيوط المؤامرة الأزلية

وسعى اليهود إلى دعم ومساندة مجموعة علماء المذاهب المختلفة، والأسانيد المنسوبة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليتحقق للروايات التي يرغبون في دسها، القدسية والمصداقية اللازمة لتمريرها لقلوب المسلمين، وبذلك استطاعوا أن يضربوا طوقًا على الفكر الخاص بهم، حول حقيقة التدبر والتفكر التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، مستهدفين بذلك صرف الناس عن القرآن الكريم لتعطيل فرائضه، ولكي تستمر المؤامرة في وأد العقل العربي، حتى يبقى مرتهنًا لأقوال السابقين ومقيّدا بالأغلال التي ابتدعوها.

وتتواصل مؤامرة بني إسرائيل وتابعيهم، من الجهلة والأُميين، على دين الإسلام، من خلال محاولاتهم المستميتة لزرع الخوف في قلب كل من يحاول استعادة مكانة القرآن الكريم، الذي يعد أساسًا لرسالة الله إلى عباده.

تعطيل فريضة إلهية

كما يمارسون تهمة القرآنيين، لإرهاب المسلمين الراغبين في التدبر والتفكر في كتاب الله، وتعطيل فريضة إلهية، بدأها الله سبحانه وتعالى عندما علّم آدم الأسماء كلها، وهي المعرفة منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة، كما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم مفتاح المعرفة بكلمة "اقرأ"، أول ما نزل من القرآن الكريم.

ويكشف الله سبحانه وتعالى لنا، نية أعداء الرسالة في نشر الشائعات والروايات المختلقة عن القرآن الكريم، حتى يربحوا الغلبة لكتبهم المحرفة، فيقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ".. صدق الله العظيم.

روايات تتعارض مع قِيم القرآن

كيف استطاع المتآمرون على رسالة الإسلام، وأعداء الله أن ينشئوا روايات تتعارض مع قِيم القرآن وسماحة الدين الحنيف؟ كيف أغرقوا العقول في مستنقعات الفتنة والفُرقة والقتل والتدمير، في حين أن الله يدعو للتعاون بين الناس بالبر والرحمة والتسامح والمحبة؟

بل كيف مزقوا وحدة الرسالة إلى مرجعيات متناحرة متصارعة ومتقاتلة، كل منها يبحث عن سلطة وجاه ومكانة مرموقة في المجتمع؟ كيف جعلوا منّا معاول لهدم دين السلام والمحبة والتحول إلى وحوش مسعورة فقدت كل قيم الإنسانية؟ فأهملنا ما جاءت به رسالة الإسلام من عدل وسلام ليقتل بعضنا بعضًا، تحت شعار: "الله أكبر"؟

لعل الحقيقة المطلقة والإجابة الشافية لتلك التساؤلات الحائرة، تتلخص في أن هجر المسلمين للخطاب الإلهي، وهو القرآن الكريم، هو أس كل بلاء ابتليت به أمة الإسلام.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.

تم نسخ الرابط