يبدو النفق أكثر إظلاما على نتنياهو، فالفشل الإسرائيلي متواصل، قتلى وجرحى، دبابات ومدرعات مدمرة، ضغوط من الداخل والخارج، تزيد كل يوم، إلا أنه ورفاقه في الأزمة يرفضون الواقع المرير، ويعيشون في عالم ضلالي متعال، يرفض ما يرى وما يسمع من آهات الجنود على الجبهة.
مازال يتحدث عن تدمير حماس، وعن أنه قاب قوسين أو أدنى، من تحقيق كل أهداف الحرب، واغتيال قاداتها، وأن سيطرة كاملة لإسرائيل على غزة باتت وشيكة، لكن الواقع صادم أمامه، إذ نرى مستوطنين في الأماكن المجاورة لغزة لا يستطيعون العودة لبيوتهم، وأتوقع ألا يعودوا، بعد أن باتوا مصابين بفويبا غزة، أو ما يسمى بـ"غزة ليزم".
فلاتزال صافرات الإنذار تلاحقهم أينما ذهبوا، والاقتصاد الاسرائيلي دخل غرفة الإنعاش مصابا بموت إكلينيكي.
ولكن على الجانب هناك جهود إسرائيلية واستماتة من أجل هدنة والإفراج عن باقي الأسرى باي ثمن لمحاولة تسكين الشارع الإسرائيلي المتلهب غضبا.
حماس وبعض الفصائل تريد وقف إطلاق النار، وإذا تمت المواقفة على ذلك بات مستقبل نتنياهو السياسي في انهيار، خاصة أن حماس ترفض تسليم كل الأسرى، وهي تريد أن تناور سياسيا، فيما تريد مصر وقطر حلولا مقبولة للطرفين.
حماس تجلس جلسة المسترخي، فهي إن وافقت على ما يطلبه الوسطاء، فسيكون بشروط قاسية.
حماس هذه المرة تتفاوص بهدوء، في ظل الضغوط على نتنياهو داخليا وخارجيا، وفقدان الدعم من الكثيرين.
المشكلة تكمن في أتباع المتطرف مائير كاهانا، الذي كانت له ذكريات دامية مع الفلسطينين، فهو أحد مرتبكي أبشع الجرائم، حيث فتح النار على المصلين، في الحرم الإبراهيمي بالقدس، إلا أنه نال جزاءه طعنا على يد شاب عربي.
كاهانا صار أيقونة للإرث التلمودي، الذي يؤمن بان التوراة نزلت ومعها السيف، ولا بد ان نحصل على إرث إبرام.
كاهانا وأمثاله من يحيطون بنتيناهو من كل جانب، وبعضهم يجلس علي كرسي الوزارة، رافضا حل الدولتين، كما يرفضون الاعتراف بالهزيمة، لكنهم في الوقت ذاته لايعيرون عن الرأي العام الإسرائيلي، الذي بات يعاني آثار الهزيمة ، والخطر الداهم الذي يلاحقهم أينما ذهبوا، بل ويرفضون نتيناهو ذاته.
إلا أنه في الافق شواهد تؤكد القبول بهدنة، بعد التوصل لصياغة توافقية مناسبة، تحمل حدا أدنى من التوافق من الجانبين.
يوشك مستقبل نتيناهو على الانهيار، وستبقى غزة ويرحل نتيناهو.