تكلف 100 مليون دولار.. اليابانيون يهاجمون فيلم Oppenheimer ويصفون البطل بالأحمق
حقق العرض الأول للفيلم الأمريكي Oppenheimer نجاحًا ساحقًا حول العالم بداية من انطلاقه مساء الثاني عشر من شهر يوليو الجاري.
حاول منتجو الفيلم تحقيق المعادل المتكاملة من إبهار وتقنية وخيال علمي، على الرغم من أنه يسرد السيرة الذاتية لعالم الفيزياء روبرت أوبنهايمر المعروف ب "أبو القنبلة الذرية".
فيلم Oppenheimer
الفيلم من تأليف وإخراج كريستوفر نولان وتعتمد قصة الفيلم على كتاب بعنوان «American Prometheus» لكاس بيرد ومارتن شيروين، الذي نشر عام 2005، والذي يتعمق في حياة العالم روبرت أوبنهايمر.
ولك أن تتخيل أن كتاب «American Prometheus» استغرق حوالي خمسة وعشرين عامًا لإنجازه، وقد فاز بالعديد من الجوائز بما في ذلك جائزة بوليتزر عن فئة السيرة الذاتية لعام 2006.
وعلى الرغم من الحفاوة التي نالها الفيلم في عرضه الأول من المشاهدين والنقاد، إلا أنه كان لليابانيين رأي آخر في الفيلم وصاحب السيرة الذاتية التي قام عليها هذا العمل الضخم.
تقول شيهو ناكازاوا أستاذة السياسة الدولية بجامعة بونكا جاكوين في طوكيو أن تقريبًا جميع اليابانيين الذين يعرفون أوبنهايمر، فهم يتذكرون اسمه كل صيف، خاصة في أيام إحياء ذكرى هيروشيما وناجازاكي، لكن بصفتي باحثة في السياسة الدولية، يمكنني أن أعطي وجهة نظري الشخصية المحدودة عن الأيام الأولى من العصر الذري.
تقول ناكازاوا في البداية عندما تم اكتشاف الانشطار النووي في عام 1938، كان البحث والتطوير للطاقة الذرية بالكامل تقريبًا في أيدي العلماء، استمر هذا النمط في السنوات الأولى.
ومنذ أن شكل الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت مجموعة من الخبراء في مجالات العلوم والاقتصاد والجيش للنظر في إمكانية وجود سلاح نووي في عام 1939 (المعروفة باسم اللجنة الاستشارية لليورانيوم)، أخذ العلماء في المجلس بزمام المبادرة، من تلك النقطة فصاعدا، تم توسيع نطاق البحث والتطوير النووي تحت سيطرة منظمات، مثل: لجنة أبحاث الدفاع الوطني، ومكتب البحث العلمي والتطوير، والتي أشرف عليها علماء ومهندسون.
ولكن عندما تولى ما كان يعرف آنذاك بوزارة الحرب الأمريكية (الآن وزارة الدفاع) والمسؤولية عن البناء الفعلي للقنابل الذرية، تم بناء نظام صارم، وتغيرت أدوار العلماء بشكل كبير، كان على العلماء الذين لعبوا أدوارًا قيادية في البحث والتطوير النوويين أن يستسلموا ويعتبروا أنفسهم مجرد ترس في عجلة، بما في ذلك مشروع مانهاتن النووي واقتصر دور علماء على مجرد تقديم المشورة لكبار صانعي السياسة بدلًا من أن يقرروا بأنفسهم كيفية استخدام هذه التطورات العلمية الجديدة في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من أن الفيلم كان مكلف انتاجيًا، حيث تكلف انتاجه أكثر من 100 مليون دولار إلا أن الفيلم خلا من مشاهد قصف مدينتي هيروشيما ونجازاجي واكتفى المخرج بمشهد سماع ضرب المدينتين عبر الإذاعة، ولا يعتقد أن الهدف من عدم تصوير المشهدين هو ترشيد في التكاليف، ولكن يبدو أنه كان محاولة لخلق حالة من التعاطف مع بطل الفيلم ولا سيما بعد ظهوره نادمًا وقائلًا "يدي ملطخة بالدماء"، ومن جهة أخرى إخفاء حجم ما أحدثته القنابل من كارثة إنسانية راح ضحيتها على أرض الواقع ما يصل إلى 140.000 شخص في هيروشيما، و80.000 في ناجازاكي بحلول نهاية سنة 1945.
في العام 1953 أعلنت جلسة استماع أمنية أعدتها هيئة الطاقة الذرية الأمريكية أن أوبنهاير غير مذنب بالخيانة بعد الشكوك حول انتمائاته الشيوعية، لكنها قضت بأنه لا ينبغي أن يحصل على أسرار عسكرية. نتيجة لذلك ألغى عقده كمستشار لهيئة الطاقة الذرية الأمريكية.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، ولكن أصبح لأوبنهايمر تأثير أكبر بكثير من تأثير العلماء الآخرين، حيث تم تكريمه كبطل في نشرات الأخبار والصحافة، بالإضافة إلى ذلك، قبل أكثر من 120 طلبًا للظهور في التلفزيون والراديو والمحاضرات العامة والجامعية خلال هذه الفترة، ربما كان أوبنهايمر هو الشخص الأكثر شهرة في أمريكا، وإدراكا منه لمنصته العامة وقوته باعتباره "المؤثر".
حاول أوبنهايمر المشاركة في عمليات صنع القرار بشأن السياسة النووية، وشجع الموظفين الحكوميين على فهم الطبيعة المزدوجة للطاقة الذرية، واصفا إياها ب "الخطر" و "الأمل".
ويبدو أنها كانت محاولات لغسل يده من موت الآلاف من اليابانيين في هيروشيما ونجازاكي حسب رؤية اليابان.
في العام 1995 كتب عالم الكيمياء الياباني شيجيرو فوجيناجا وأستاذ فخري بكلية العلوم بجامعة ألبرتا كتابًا عبارة عن سيرة ذاتية نقدية لأوبنهايمر، الذي قاد مشروع مانهاتن وصنع القنبلة الذرية بعنوان "روبرت أوبنهايمر" عالم أحمق، قال إن الجرائم التي حدثت في هيروشيما ونجازاكي وما زالت آثارها ممتدة حتى الآن لا يمكن محوها بعذر أو أسف من أوبينهايمر الذي أطلق عليه أبو القنبلة النووية، كما أطلق على ليز مايتنر أم القنبلة النووية، فكلاهما يلعب دور القابلة والبشرية هى الأم التي تلد القنبلة النووية.
يرى اليابانيون أن سمعة أوبنهايمر متلونة، فقد تم الإشادة به باعتباره "أبو القنبلة الذرية"، في حين يعتبره البعض "فيزيائيًا بلا أخلاق"، ولكن مما لا شك فيه أنه أجدر من عرف قدرة الأسلحة النووية على تدمير الحضارة البشرية.