نساء رتلن القرآن.. الشيخة «أم محمد» المفضلة عند الوالي.. و«كريمة العدلية» أدخلت القارئات للإذاعة المصرية
ذخر التاريخ بمشايخ وقراء صدحت أصواتهم في كل مكان وكل عصر، ودائما ما كانت مصر مهد لقراء القرآن الكريم الذين اشتهروا بـ«حناجرهم الذهبية»، مثل الشيخ محمد رفعت، محمد صديق المنشاوي، عبدالباسط عبد الصمد والشيخ الحصري، ومنهم من ارتبط صوته بإذاعة القرآن الكريم.
ولكن ربما يعتقد البعض، أن ترتيل القرآن اقتصر فقط على الرجال من القراء، في حين أن التاريخ المصري كان شاهدًا على أصوات نسائية تخطى صداها حدود البلاد، بعضهن نال حظوة عند الوالي ورجال الدولة، والبعض الآخر آتهن المعجبين من كل بقاع الأرض بعدما لمست أصواتهن مشاعر المستمعين في كل مكان، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل استطاع بعضهن مناطحة كبار المشايخ في الإذاعة المصرية في فقرات مخصصة لهن.
ويستعرض موقع « بالمصري »، أهم الأصوات النسائية التي رتلت القرآن الكريم سواء في الإذاعة المصرية أو خارجها..
الشيخة «أم محمد» المفضلة عند الوالي
تعتبر الشيخة «أم محمد» أول سيدة رتلت القرآن الكريم في مصر، وأول من فتح الباب أمام القراء من السيدات، نالت حظوة كبيرة عند الوالي العثماني محمد علي، وأصبحت المفضلة لديه، فكان يطلبها في مجالس كبار رجال الدولة لترتل القرآن الكريم، أغدق عليها بالكثير من الهدايا، ومن شدة إعجابه بصوتها؛ أرسلها في بعثة لأسطنبول لتحيي ليالي رمضان في حرملك السلطنة العثمانية.
وبعد وفاتها، أمر الوالي محمد علي بإقامة جنازة رسمية شعبية لها، وتخصيص مدفن لها في مقابر الإمام الشافعي، والتي كانت تقتصر في هذا الوقت على الطبقات العليا من الشعب.
الشيخة «كريمة العدلية» أول من فتحت باب الإذاعة المصرية أمام القارئات
بدأت مسيرة الشيخة كريمة العدلية بـ«قصة حب» مع شيخها علي محمود، فكانت تذهب إلى جامع الحسين لتسمعه وهو يرفع الآذان، وكان الحب متبادل، فقال عنها الشيخ محمود أن صوتها أحب إليه من الكثير من القراء الرجال، لتتوج قصة حب قارئي القرآن الكفيفين بالزواج، وتبدأ مسيرتهما في الإذاعة المصرية سويا في ترتيل القرآن.
وصلت شهرة الشيخة كريمة العدلية في الإذاعة المصرية، إلى تخصيص فقرتين لها، الأولى في السابعة صباحا كقارئة قرآن، والثانية في الساعة العاشرة وأربعون دقيقة كمطربة.
الشيخة «منيرة عبده» تهافتت عليها الإذاعات المصرية
كانت من أوائل السيدات بعد الشيخة كريمة العدلية اللائي انضممن للإذاعة المصرية، رتلت القرآن لأول مرة عام 1920، وكانت تبلغ من العمر حينها 18 عامًا فقط، ما جعل الإذاعات المصرية تتهافت عليها، حتى أصبحت ندٍ لمشايخ كبار.
وفي عام 1925، ذاع صيتها في كل بقاع الدول الإسلامية، حتى وصل الأمر أن عرض عليها تاجر ثري تونسي مبلغ 1000 جنيه، - والذي كان يعد مبلغا ضخما في هذا الوقت- ، لتحيي ليالي رمضان في تونس، وعندما لم تستطع السفر قرر أن يأتي بنفسه ويقضى شهر رمضان في مصر ليسمع الشيخة منيرة وهي ترتل القرآن الكريم.
الشيخة «نبوية النحاس» طفرة في ترتيل القرآن
تزامن ظهور الشيخة نبوية النحاس، مع الشيختان كريمة العدلية ومنيرة عبده، واشتدت المنافسة بينهن من خلال موجات الإذاعة المصرية، حتى تمكنت في وقت قصير أن تصبح قامة من قامات الترتيل الإذاعي، وواحدة من أشهر 3 سيدات قارئات في الوطن العربي.
اشتهرت الشيخة نبوية النحاس بترتيل القرآن في أقسام مخصوصة للسيدات في المناسبات الخاصة والمآتم والاحتفالات الدينية، وقال عنها أحد المؤرخين أنه بموت السيدة نبوية النحاس في عام 1973، انتهى عصر مرتلات القرآن من النساء.
الشيخة «سكينة حسن» صوت ملائكي يصدح في أرجاء لندن وباريس
اشتهرت الشيخة «سكينة حسن» بصوتها الملائكي، ووصلت شهرتها للعالمية فكانت ترتل القرآن في لندن وباريس وأنحاء العالم إلى جانب عملها بالإذاعة المصرية، وكانت أول مرتلة قرآن كريم تسجل أسطوانات القرآن بصوتها.
انتهاء عصر السيدات القارئات في الإذاعة المصرية
تضاربت الأقاويل حول الوقت الذي انتهى فيه عصر قارئات القرآن الكريم، فقال البعض أنه في عام 1939، صدرت فتوى بتحريم قراءة النساء للقرآن الكريم في الإذاعة، بحجة أن صوت المرأة عورة، وعلى إثرها تم منع المرتلات من قراءة القرآن الكريم في الإذاعة المصرية، ومنهم من قال أنه بعد الحرب العالمية التانية وفي سنة 1949، منعت الإذاعة المصرية ظهور الشيخة منيرة عبده والشيخة كريمة العدلية، بعد ما هاجم بعض الشيوخ تواجد السيدات في هذا الموقع.
ورغم انتهاء عصر قارئات القرآن في الإذاعة، إلا أنه لا تزال القارئات المصريات متواجدات وعضوات فى نقابة قراء القرآن الكريم، وحارب من أجلهن آخر رواد دولة تلاوة القرآن فى مصر، الشيخ أبو العينين شعيشع حتى وفاته عام 2011، غير أن الإذاعة المصرية رفضت السماح لهن بالتلاوة.