في حضور أحد الصالونات الثقافية التى تحث على حماية التراث الثقافي والفني كانت عبارات النائبة الدكتور ضحى عاصي "إن مصر لا يوجد لديها قانون لحماية التراث، وأن مسألة الحفاظ على التراث تخضع إلى قوانين وزارة الآثار، إضافة إلى قوانين تنظيم المخطوطات والمباني من خلال مجلس التنسيق الحضاري"، بمثابة المحرك الذي دفعني مبادرًا لأكتب هذا المقال، الذي ربما يحرك المياه الراكدة، محدثًا صوتًا لمبادرات مجتمعية لحماية التراث الثقافي والشعبي غير المادي.
ونجد في تعريف اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي هو " الممارسات والتقاليد والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحياناً الأفراد، جزءاً من تراثهم الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلاً عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية.
فالتراث اللامادي فى مصرنا يشمل الأغاني والموسيقى والاحتفالات وطقوس الأعياد ورموز المناسبات والأطعمة المصرية والحكم والأمثال الشعبية المصرية التى يتوارثها الأجيال، بل واللهجة المصرية.
فالذي جعل البعض ينسب لنفسه بناء الأهرامات قد يجعل لغيره أن ينسب لنفسه بعض الأكلات المصرية، وهذا ما رأيته بعيني على بعض صفحات التواصل الاجتماعي، بأن يدعي بعض الأطعمة والحلويات المصرية إلى دول وأقطار أخرى.
وهذه ليست المرة الأولى الذي يحدث فيها هذا الهراء، فقد نسبت بعض دول شرق آسيا، أكلة الملوخية المصرية المعروفة لها، رغم أن الملوخية عرفت على يد المصري القديم، وهذا ما يوثقه التاريخ فهي ما زالت الطعام الأشهر في مصرنا للغني والفقير، وعلى هذا المنوال الكشري المصري الذي يعتقد الأغلب أنه طعام هندي ولكن في الحقيقة هو طعام مصري معروف بخلطته السحرية، ولم تتوقف محاولات البعض فى محو تراث الطعام الشعبي المصري فقط بل امتد إلى الحلويات والصناعات اليدوية والحرف المصرية الأصيلة كالنسيج اليدوى، قبل إدراجه من منظمة اليونسكو من التراث الثقافي غير المادي لمصر الذي شمل التحطيب والسيرة الهلالية والأراجوز ورحلة العائلة المقدسة إلى مصر.
علينا كمجتمع ومؤسسات بأن نساهم في الحفاظ على هذا التراث اللامادي من خلال:
- توثيق هذا التراث اللامادي توثيقا رسميا من خلال أرشيف وطني مجمع وتجريم نسبه للغير.
- توعية النشأ على الحفاظ على هذا التراث من خلال المواد التعليمية التى تتناوله وتحث للحفاظ عليه والافتخار به كتراث مصري أصيل.
استخدام السوشيال ميديا بجانب الإعلام كوسيلة توعوية للحفاظ على هذا التراث من خلال أفلام وثائقية، والضغط على المنظمات الدولية لحماية التراث المصري غير المادي وتوثيقه في أسرع وقت.
إنشاء ساحة تضاهي ساحة جامع الفنا، تحتوى على كل ما يمثل ثقافة وتراث وفني وشعبي في العصور المختلفة لمصرنا الحبيبة.