"شهد" فتاة عشرينية متمردة، ابنه لأسرة مفككة، من أب سافر بحثا عن رغد العيش، في إحدى الدول العربية، وأم قررت في السنوات الأخيرة من عمرها أن تلتفت قليلا لنفسها، وتخرج من دائرة الأمومة، لتعيش حياتها، بعد أن رأت سربا من الشعر الأبيض يسيطر على فروة رأسها.
الأم تركت "شهد" وشقيقها يخوضان تجاربهما بنفسيهما، "الولاد كبروا وقربوا يخلصوا جامعاتهم"، وبالتالي رأت أن رسالتها أوشكت على الانتهاء، ستجلس بعد زواج البنت لتضع النقاط فوق الحروف، وقد تطلب من زوجها المسافر للأبد، أن يطلقها فقد ملّت حياته، وغيابه المستمر.
كانت "شهد" متمردة فقررت أن ترتدي عددا من الحلقان في أماكن مختلفة من جسمها، ولونت شعرها بألوان غريبة، مرة بالقرمزي، وأخرى بالأزرق، وثالثة بالزيتوني.
كانت تحرص دوما على أن تكون فتاة مختلفة، لتقلدها الفتيات في جنونها، ويتقرب إليها الشباب طمعا في القليل من تحررها.
كان ركضها خلف الموضات الغريبة أمر لا رادع له، وفي يوم قررت أن تقلد صديقة لها، وتضع وشما على جسدها، سهرت تلك الليلة وهي تبحث عن الشكل الذي يناسبها لترسمه، ووقع اختيارها على رسم فراشة طائرة، على رقبتها.
اختارت مكانا مشهورا في التجمع الخامس، وذهبت إليه، استقبلها صاحب المكان بترحاب شديد، طلب منها أن تنتظر حتى يحضر الشخص المتخصص في دق الوشوم، لأنه سيتأخر اليوم، فقررت شهد الانتظار، فرسم الوشم كان هاجسها الحالي، وعليها أن تنفذه.
تجاذبت شهد أطراف الحديث مع صاحب المكان، لتجد فيه نموذجا مثاليا للشاب الذي اجتهد حتى وصل لمكانة عالية يطمح إليها الجميع، فهو يعطي كورسات في اللغة الإنجليزية على أحد البرامج الشهيرة، محققا شهرة واسعة، وله آراء نفسية وفلسفية تجعل منه شخصا شديد التميز والتفرد.
طلب منها الشاب رقم تليفونها لكي يكملا الحديث، فأعطته الرقم دون تردد، وجاء المتخصص في رسم الوشوم، فأعطته رسمتها المفضلة.
دقت فراشتها الرائعة وتركت المكان، وبعد عدة اشهر رأت صورة صاحب مركز دق الوشوم الذي جلست معه طوال ذلك اليوم، تقتحم جميع صفحات الإنترنت، ليتم احتجازه بتهمة اغتصاب قتل عدد كبير من الفتيات، مستغلا جاذبيته وثقافته وشهرته.
إنه سفاح متسلسل متعدد الضحايا، كان يضعها في قائمة الانتظار لديه، كانت "شهد" مشروع جثة محتملة، لكن حظها أنقذها لأن ساعتها لم تحن بعد.