الخميس 22 أغسطس 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

حزننا على رحيل علاء عبد الخالق.. ليس مجرد حزن على مطرب قدم أعمالا فنية وأغاني في فترة الثمانينيات والتسعينيات.. إنما حزننا أعمق وأكبر. 
هو حزن على إنسان بمعناه الحقيقي، في زمن تراجعت خلاله صور الإنسانية والرحمة والحنان. 
حزن ربما على صورة شاب خلوق وقور محترم.. كان حلم بنات "كتير" وفارس أحلامهن وقتها، وأعتقد "لحد دلوقت". 
كأنه حزن على أحد أصحابنا القدامى، عشنا معه قصص الحب وبدايتها والخصام ومعاناته.. صاحبنا "اللي حكى لينا عن وجعه في الفراق وسعادته في رجوعه لحبيبه". 
حزن على فترة كان فيها الاحترام هو السائد لفن ولجيل "بحاله"، عمرنا ما سمعنا في أغانيه كلام خادش لحيائنا، أو فعل أو خبر يسيء له أو "لينا" ولفطرتنا الجميلة البريئة.. "عمره ما مشى ورا تريند أو شَغل باله "بكام لايك وشير وفيوهات".. قدر ما كان شغله الشاغل اللحن والكلمات "اللي بتتغنى بكل نبض وكل دقة قلب طالعه بإحساس". 
"زعلنا" على فنان "ما حاولش يفتعل أي حدث عشان يتكتب عنه في الجرايد والمجلات والسوشيال ميديا".. رغم أنه عاش فترة طويلة بعيدًا عن الأضواء والشهرة "اللي ممكن تجنن أي حد ضعيف بلا مبادئ أو رسالة أو أخلاق اتربينا عليها". 
علاء.. كان فنانًا هادئا طوال مسيرته الفنية وحياته الشخصية.. لذلك رحل في هدوء تام.. ليرقد بسلام وسكينة وأمان. 
أعتقد أن سبب حبنا وعشقنا له كان بساطته وسهولته في صوته الدافئ وإحساسه العالي ومظهره المهندم ونظارته المميزة.. كان صورة لفنانين كثيرين وقتها (بعيدا عن القميص المفتوح والبادي بيلدينج والشو، أو ارتداء أشهر الماركات والتباهي بيها أو هوس عمليات التجميل اللي شوهت بعضهم وجعلتهم صورة متكررة "كوبي بيست" بتعبيرات جافة صلبة كالتمثال الجامد بدون أداء وإحساس). 
حزننا على فترة عشنا فيها كل حاجة حقيقية مش "fake"، عشنا الحياة والأحلام بكل تفاصيلها ومميزاتها وعيوبها. 
أعتقد أن الجيل الحالي لا يعلم- مثلما نعلم- قيمة علاء عبد الخالق وجيله أمثال: محمد محيي وعامر منيب وحسام حسني وحميد الشاعري وغيرهم، خصوصا أننا جيل تربينا على قيمة الكلمة والمعنى. 
نحن جيل عشنا قصص أغاني علاء عبد الخالق، والحب فيها بفرحته وعذابه ومراره وأوجاعه وخيباته، فكانت تطربنا بصور جمالية ليرسم كل منا اللوحة التي تحلو له. 
علاء.. جعل قلوبنا تطير لأعلى سحابة ولسابع سما، لما كنا بنسمع أغنية "قلبي طيارة ورق" ونتمايل على ألحانها وكلماتها بمنتهى اللهفة والشغف والعشق، مستمتعين بحالة الحب وقتها.. وإزاي "قلبي الغريق اهتدى لما مسك عيونك طوق".. وبقت "قسمة ومتقسمة أنا شمس وأنت شروق". 
علاء.. فنان عرفنا وأدركنا من خلاله أن الحب من ضرورياته الإخلاص.. لما قالها بكل إصرار "بحبك باستمرار بحبك طول العمر".. ووصف حال حبنا وقتها "بحب بكل براءة وجراءة". 
نحن جيل توقف بنا الزمن عند مرحلة.. لا عارفين نرجع لها.. ولا عارفين نتخطاها.. ونواكب ونستوعب أو حتى نتعايش مع أحداث الحياة وصراعاتها وتعقيداتها الحالية. 
نحن جيل بيحب ويزعل ويحزن ويفرح ويغضب بكل طاقته.. وبأقصى جهد وعزم فيه.. ما بيعرفش يبخل بمشاعره الحلوة.. مهما كانت لمين أو هتودينا لفين! 
ربنا يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته يا "علاء".. وجعت قلوبنا بس هتفضل عايش جوانا وهنفضل نحلم بالحب اللي غنيت له إنت وعامر منيب.
سلام.. يا أجمل ذكرياتنا!
 

تم نسخ الرابط