الثلاثاء 16 يوليو 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

ذبيح في ليلة زفاف على تراتيل D.g

المجني عليه
المجني عليه

في ليلة زفاف ضاع ابنها.. حيث استيقظت في هذا اليوم مبكرا أو ربما لم يستقر النوم في جفنيها ولم يزرها الأمان والطمأنينة.. شعور بالقلق والخوف من مجهول لا تعرف له مصدرًا، ظلت تتقلب في فراشها طوال الساعات القليلة التي توسدت فيها فراشها، قلق ينتابها وهواجس تراودها وتخايلها طول الوقت، قررت أن تذهب إلى أكل عيشها مبكرا لعلها تتخلص من تلك الوساوس.

 

الابن يعود من إجازته ليلقى مصيره المحتوم

نظرت إلى أولادها وهم نيام لعل الطمأنينة تتسرب إلى نفسها المتوترة، ولكن هيهات أن تنتزع هذا الشعور الذي يلازمها من ليلة أمس.. وصلت إلى روضة الأطفال التي تبيع فيها بعض الحلوى للأطفال وتجني منها بعض الجنيهات تساعد بها زوجها الفقير الذي يقدم المشروبات في مناسبات أهل القرية، وهو عمل متقطع وغير دائم، وبعض من أموال زادت في دخلهم مؤخرًا من خلال ابنهم حسام ابن الـ22 عاما الذي أنهى دراسته الجامعية منذ شهور، وسارع للسفر إلى إحدى القرى السياحية ليعمل بها، مثله مثل شباب أهل القرية، الذي جاء منذ 4 أيام في إجازة بقريتة العريقة التي كعادة أهل الصعيد تصنف الناس بالفقر والغني والحسب والنسب.

 

رحلة العناء والشقاء

وهنا تذكرت أم حسام رحلة العناء والشقاء في تعليم حسام وإخوته، وكيف قست عليهم الحياة في توفير الكراسة والقلم، وكيف أكل الفقر من عمرهم. ولكن سرعان ما طردت تلك الذكريات المؤلمة، وقالت لنفسها: استبشري خيرًا فها هو حسام تخرج فيظ جامعته ونزل إلى سوق العمل وها هو خيره بدأ يهل علينا وأصبح لنا سندا وعونا وظهرا وعضدا في مشوار تعليم اخوته وتجهيز البنات.

 

مر الوقت طويلاً وما زال القلق يلازمها والخوف يلاحقها حتى عادت ام حسام إلى بيتها في منتصف النهار تعد لهم بعض الطعام.. وجاء حسام يخبر أمه بأنه سوف يذهب الليلة للعمل على D.g في ليلة زفاف إحدى عائلات القرية وهو العمل الذي كان يمارسة وهو طالب.. ولكن أمه شعرت ببعض القلق والخوف وطلبت منه عدم الذهاب بحجة انه في إجازة وهم في حاجة للتواجد معهم وبينهم طول مدة اجازته ليشبعوا منه، ولكن حسام قبل يد أمه وقال لها لن أطيل كثيرا يا أمي فهي ليلة زفاف أو ليلة قرآن وسرعان ما تنتهي مبكرا فليس بها أغانٍ ولا سهر لساعة متأخرة.. وأنها رزق ولقمة عيش تساعد في مصروفات المنزل وتعين أباه.

 

 

حاولت أم حسام أن تثنيه عن نيته وقالت له له يا بني أشعر بالقلق ومنذ الصباح وعيني ترف وهو فأل سيئ.. أجابها حسام: امي دعي القلق جانبا وتوسمي في لطف الله ورحمته إنها ليلة زفاف قرآنية فقط.. وهي مجرد ساعات قليلة وسأعود. 

 

لم تجد أم حسام حيلة غير أن ترمي قلقها وخوفها على الله وتستبشر خيرا وتدع ظنها في الله خيرا.. ولكن كلما مر الوقت بطيئا ثقيلا وقلب الأم يأبى أن بستريح ويشعر بالطمأنينة.. وفي تمام العاشرة أو يزيد قليلا جاءها ما يبرر خوفها وتوجسها وقلقها من ليلة البارحة.. جاءها من يخبرها بأن ابنها حسام تم ذبحه ونحره بنفس السكين الذي تُذبح به المواشي على يد ابن عم صاحب الفرح، الذين يمتهنون مهنة الجزارة، وذلك عندما ذهب خالد صلاح السمري، الجاني (27 عاما مؤهل عال) ويعمل بمهنة أسرته (جزارًا)، إلى حسام عبد الفتاح إبراهيم المجني عليه 22 عامًا، طالبا منه أن يقوم بتشغيل أغنية معينة.. وحسام يحاول أن يقنعه بأنها ليلة قرآن وأن عمه صاحب الفرح أمره بتشغيل قرآن فقط وليس مسموحا له بتشغيل أغان، ولابد من العودة لاستئذان صاحب الفرح، وهو ما رفضه الجاني وقام بسب ونهر حسام المجني عليه واشتدت بينهما الأمور وتشاجرا معا، فما كان من الجاني  إلا أن أسرع إلى منزله المجاور لمكان الفرح وأتى بسكين الجزارة الحادة.  وفي حين غفلة من من المجني عليه قام بذبحه ونحره، لتسيل دماء حسام على الأرض معلنة إنهاء رحلته في الحياة التي قست عليه وعلي أبويه وإخوته، وعندما استبشروا بنهاية رحلة العناء والشقاء، كانت نهاية الحياة والأمل وبداية الحزن واللوعة. 

 

نزل الخبر كالصاعقة على والد حسام ووالدته فخرت أمه مغشيًا عليها بعد صرخة مدوية كانت كفيلة بأن تنبئ أهل القرية بالطامة التي لحقت بالأسرة البائسة الملتاعة.

 

وبفاجعة أمة الثكلى وأبيه المكلوم الذي ظل يهذي كالمجنون يرثي ابنه ويأبى أن يقنتع ويستوعب ما حدث لابنه البكري وأمله في الحياة ومقلاع خروجة من الفقر الذي رفض أن تخرج تلك الأسرة من دائرته. 

ظل الأب يصرخ ويجري هنا وهناك وهو حافي القدمين مهرولا ومثقلا وراء جثة ابنه لمسافة تتعدى الـ5 كيلو مترات من قريتة الدوير إلى مشرحة مستشفى صدفا المركزي.

 

 تلك المدينة التي تقبع في أقصى جنوب محافظة أسيوط التي تتاخم محافظة سوهاج وتركن على حدودها الشمالية.. وفي نفس التوقيت الذي سارعت فيه شرطة مركز صدفا بقيادة العقيد أبو الحسن، مأمور المركز، والرائد محمد أبو دومة، رئيس المباحث، ومعاونيه، وقاموا بالقبض على الجاني وتحويله إلى النيابة لمباشرة التحقيق في ملابسات الحادث، ليأتي تصريح الطب الشرعي باستخراج جثة المجني عليه من داخل مشرحة المستشفى الذي لا تزالام حسام (المجني عليه) نزيلة نفس به، فاقدة للوعي تأبى أن تستعيد وعيها فلا تجد حسام بين إخوته يهرع ليقبل يديها ويسألها الدعاء.. وترفض عيناها أن تنظر للحياة مرة أخرى فلا تجد فلذة كبدها وأملها الذي ادخرته لما تبقى من العمر في بعض من الراحة ونهاية العنت والكد والشقاء.. ترفض ثقافتها البسيطة وعقلها الغائب أن يصدقا أن الحياة مازالت تضمن أن يتواجد بها مكان لمثلهم من الفقراء والكادحين.

تم نسخ الرابط