الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

عامان من الفشل.. الرئيس التونسي يُعيد الثقة في الشعب ويسحبها من نجلاء بودن

بالمصري

في خطوة انتهت سريعًا، بعد أن تعلقت أنظار العالم أجمع بها كأول دولة عربية ترأس حكومتها سيدة، إلا أنها سرعان ما أثبتت عدم قدرتها على تحمل تلك المسؤولية، وأخذت آمال الشعب قبل العالم في الانهيار بأن يكن لتلك المرأة فرصة في إنجاز المأمول منها، إنها السيدة نجلاء بودن، رئيسة الوزراء التونسية السابقة، والتي أعلن الرئيس قيس سعيد، إقالتها وحكومتها من منصبها، قبل ساعات.

 

بودن التي تولت مقاليد الحكم، في 29 سبتمبر 2021، استطاعت ان تجمع أراء جميع التونسيين حولها، ولكن بصورة سلبية، حيث نادت كافة طوائف الشعب وفئاته بضرورة رحيلها، حتى إنها كادت تزيد الفجوة بين الرئيس وشعبه، بسبب تمسكه بحكومة يراها البعض غير ناضجة لتلك المسؤولية الواقعة على عاتقها.

من هي نجلاء بودن؟

نجلاء بودن حرم رمضان، من مواليد 1958 أصيلة ولاية القيروان، وهي أستاذة تعليم عالي في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، ومختصّة في علوم الجيولوجيا.
وشغلت نجلاء مناصب عدة في وزارة التعليم، منها تعيينها بمنصب مكلفة بمهمة في ديوان وزير التعليم العالي الأسبق شهاب بودن في حكومة الحبيب الصيد سنة 2015.

إقالة متعثرة

بعد أكثر من عام من مطالب الشعب المتكررة، حول رحيل السيدة بودن، فاجيء سعيد الجميع صباح اليوم الأربعاء، بالقرار، إذ أصدر الرئيس، قرارًا بإعفاء رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، من منصبها، وتعيين أحمد الحشاني خلفًا لها.
 

وقالت الرئاسة التونسية في بيان نشرته عبر صفحتها على موقع "فيسبوك": "قرر رئيس الجمهورية قيس سعيد، مساء الثلاثاء 1 أغسطس 2023، إنهاء مهام السيدة نجلاء بودن رمضان رئيسة للحكومة وتعيين السيد أحمد الحشاني خلفًا لها".
 

تغيير محدود في حكومة بودن:

بعدما تزايدت المطالب الشعبية حول إقالة الحكومة، قرر الرئيس التونسي، منذ بداية العام الحالي، إقالة 6 من أعضاء حكومة بودن، ظنًا منها أنه بذلك يمتص غضب الشعب. 
إقالة تعد الـ6 من حكومة نجلاء بودن، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، الخميس، أمرًا يقضي بإنهاء مهام وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة.
فأقال الرئيس التونسي قيس سعيد 5 وزراء وكاتبة الدولة في الفترة الأخيرة، بينهم وزير الخارجية عثمان الجرندي، وزيرة التجارة فضيلة الرابحي، ووزير التشغيل والمتحدث باسم الحكومة نصر الدين النصيبي كما قدم وزير الداخلية توفيق شرف الدين استقالته.

وبحسب موقع "العين الإخبارية" ، فإن قرار إقالة وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة، جاء على خلفية تصريحات الأخير الذي أدلت به إلى وسائل الإعلام، بشأن رفع الدعم، وهو ما يتعارض مع موقف الرئيس سعيد.

 

اتحاد الشغل ينتقد بودن

إلا أن تلك المحاولات لم ترضي الشعب، الذي اتسعت مطالبة لتصل لرئيسة الحكومة نفسها، بعدما انضم اتحاد الشغل، النقابة ذات الثقل القوي شعبيًا وتاريخيًا، إلى قائمة المنتقدين بشدة لأدائها في خضم أزمات عدة تتربص بالبلاد.
ومن حانبه، قال سامي الطاهري، المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي ينضوي تحت لوائه أكثر من مليون عامل، إن "الحكومة الحالية فاشلة وعليها أن ترحل". 
وذلك قبيل اجتماع حاسم لنقابة التعليم، التي دخلت في معركة تكسير عظام مع السلطات بمواصلة حجب علامات الطلاب.
وأضاف الطاهري في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية، أن "ما ينتظره التونسيون أن ترحل هذه الحكومة برمتها وعدم الاكتفاء بتعديل وزاري، فمنذ تعيينها في سبتمبر 2021، إلى الآن، لم تحل أي مشكلة في القضايا المطروحة، وهي عاجزة عن إدارة أي ملف".

ملفات عجزت عنها الحكومة

وكانت حركة "الشعب" من أوائل الأحزاب السياسية الموالية للرئيس قيس سعيد، التي دعت علنًا إلى إقالة حكومة بودن وتعيين حكومة سياسية. 
لكن الرئيس، الذي يمنحه الدستور هذه الصلاحية، تجاهل تلك الدعوات مما جعل أوساطًا سياسية ومراقبين يتوقعون أن يتم أيضًا هذه المرة غض الطرف عن دعوة الاتحاد.
وتصاعدت أزمات حكومة بودن، بعد وصول أزمة التعليم، التي تعصف بالسنة الدراسية الحالية، إلى طريق مسدود، الأمر الذي دفع وزير التربية إلى إقالة المئات من مديري المدارس في خطوة تصعيدية. 
هذا إلى جانب الصعوبات التي تجدها في حلحلة معضلة الهجرة غير الشرعية، بعد أن أصبحت تونس وجهة لمئات المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء الذين يطمحون للعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط.
كل تلك الأزمات وأكثر، وسعت من دائرة الانتقادات لحكومة بودن، التي لم تعد تقتصر على خصوم الرئيس قيس سعيد، بل امتدت منذ فترة لتشمل وجوهًا وأحزابًا عرفت بتحمسها للمسار الانتقالي الذي دشنه رئيس الجمهورية قبل سنتين.

وبعد مشوار طويل من الانتقادات، التي كاد البعض يظن أنها لن تجدي مع الرئيس، جاء قرار الإقالة، كخطوة مفاجئة للجميع، بثت الأمل في نفوس التونسيين، حول استعادة مكانة بلادهم مجددًا، بعد أن ضرب الفساد والفقر مؤسساتها وهيئاتها وباتت مهددة بإعلان إفلاسها. 
وتنتظر تونس، التي تعاني أزمة اقتصادية حادة، بشدة موافقة مجلس إدارة الصندوق لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار، يأتي على 4 دفعات لمدة 4 سنوات، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات لإنعاش المالية العامة ودفع النمو الاقتصادي.
وتشمل الإصلاحات نظام الدعم والمؤسسات العامة المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها من الإصلاحات الأخرى، وهي إجراءات قوبلت بتحفظ كبير من الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد وبرفض من الرئيس التونسي قيس سعيد.

تم نسخ الرابط