المهاجرون الأفارقة.. المغضوب عليهم في تونس يشعلون مخاوف أوروبا
عادت أزمة المهاجرين من دول إفريقيا إلى الواجهة مجددًا في تونس، في أعقاب التوتر وأعمال العنف التي سادت مناطق من ولاية صفاقس بين مهاجرين وسكان محليين، مطلع الأسبوع الماضي، الأمر الذي يُشكل ثُقلًا على الحكومة التونسية في ظل اتهامات ومطالب حقوقية وأممية بالكف عن عمليات "الترحيل القسري" للمهاجرين.
وأثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد، الرافضة لتوطين المهاجرين في بلاده ومطالبته بضرورة ترحيلهم، غضب أوروبا التي زادت مخاوفها من محاولة هرب هؤلاء المهاجرين إليها، خصوصًا بعد ازدياد حدة الصدامات والاحتجاجات في الشارع التونسي ضد مهاجرين دول إفريقيا جنوب الصحراء.
حراك أوروبي في ملف الهجرة:
تبنت أوروبا موقفًا حثيثًا في ملف الهجرة واللجوء في تونس، أشعل الصدامات والجدل داخل التكتل الأوروبي بشأن إصلاح ملف الهجرة.
جاء ذلك، عقب وصول عدد طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، إلى 996 ألف طلب في العام 2022، وهو أعلى مستوى منذ ستة أعوام، بحسب تقرير سنوي نشرته وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء.
حيث تخشى دول أوروبية عدة، على رأسها إيطاليا وبولندا والمجر والسويد، من تزايد أعداد المهاجرين إليها، خصوصًا عبر السواحل التونسية، وهو ما يدفعها إلى تبني موقفًا حادًا وصارمًا ضد تصريحات الرئيس التونسي، مطالبة إياه بوقف عملية " التهجير القسري".
إلا أن سعيد، يرى أن بلاده لن تكون حرس حدود لأوروبا، وأن المهاجرين ينتهكون حقوق الشعب التونسي، لذلك وجب ترحيلهم، وهو ما أشعل الكثير من الاحتجاجات من قِبل هؤلاء المهاجرين، أسفرت أخرها عن مقتل مواطن تونسي.
الأمر الذي أجج الأزمة بين المواطنين والمهاجرين، الذين اضطروا إلى مغادرة بيوتهم تحت ضغط السكان المحليين، حيث اختار العشرات التوجه إلى سفارات دولهم لطلب الترحيل، فيما يتحين آخرون الفرصة للعبور إلى الأراضي الإيطالية عبر سواحل المدينة ولكن تعوزهم الأموال التي يطالب بها المهربون.
منظمات حقوقية تحذر السلطات التونسية:
تواصل قوات الأمن التونسية عملية ملاحقة المهاجرين الأفارقة، بهدف ترحيلهم إلى بلادهم أو نحو الحدود الليبية، وهو ما دفع المئات من المهاجرين بمدينة صفاقس، إلى الفرار إما إلى المناطق المجاورة أو إلى مدن أخرى، هروبًا من أعمال العنف الناجمة عن لفظ المجتمع التونسي لهم، أو عمليات الترحيل.
بدورها، ناشدت منظمة هيومن رايتس ووتش، السلطات التونسية بضرورة وقف عمليات الطرد والترحيل التي تطال المهاجرين الأفارقة بشكل جماعي.
وقالت المنظمة الحقوقية، إنه على تونس وقف عمليات الطرد الجماعي والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى المهاجرين الأفارقة، الذين طردوا إلى منطقة خطرة على الحدود التونسية الليبية، وسط أزمة هجرة غير مسبوقة تعانيها تونس.
وبحسب "رويترز"، فإن السلطات التونسية نقلت مئات المهاجرين المنحدرين من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، إلى منطقة مقفرة على الحدود مع ليبيا.
ومن جانبها، أدانت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، موقف السلطات التونسية، حيث طالبت الرئيس سعيد، بضرورة وقف حملات الاعتقال والترحيل القسري، معتبرً إياها انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية.
اتهامات لأوروبا بتفاقم الأوضاع في تونس:
أدانت منظمات حقوقية تونسية، في بيان مشترك، سياسات نقل حدود الاتحاد الأوروبي إلى دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، وإلزامها بلعب دور حرس الحدود، لافتة إلى أن ذلك ساهم إلى حد كبير في الوضع المأساوي الحالي.
وتعهدت دول الاتحاد الأوروبي، بتقديم مساعدات بنحو مليار يورو لإنعاش الاقتصاد والمالية العامة لتونس مقابل تعاون أكبر في كبح موجات الهجرة غير الشرعية المنطلقة بالخصوص من سواحل صفاقس.
فيما طالبت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، السلطات بكشف محتوى الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي للرأي العام قبل القبول بشروطه والإمضاء عليه.