30 عامًا على مجزرة الحرم الإبراهيمي.. العدوان الإسرائيلي سلسال دم لا ينتهي
تحل اليوم الذكرى الـ30 لمجزرة الحرم الإبراهيمي، التي أدت إلى استشهاد 29 مصليا فلسطينيا، وإصابة 150 آخرين في مدينة الخليل.
ويستعرض بالمصري تفاصيل هذه الذكرى الأليمة في هذه السطور
في يوم الجمعة الموافق 25 فبراير 1994، وهو اليوم 15 من شهر رمضان المبارك اقتحم المستوطن اليهودي المتطرف باروخ غولدشتاين المسجد الإبراهيمي المعروف أيضًا باسم مغارة الأولياء لأنه يضم مزارات ومقابر الأنبياء الواقعة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية في أثناء أداء صلاة الفجر وفتح النار على المصلين العزل مما أسفر عن مقتل 29 شخصًا على الفور قبل أن يتم تحييده من قبل المصلين.
مساعدة جنود الاحتلال لباروخ غولدشتاين
وبالطبع لم يكن غولدشتاين بمفرده إذ ساعده جنود الاحتلال في فعلته التي أدت إلى أرتفاع عدد الضحايا والإصابات وذلك لأغلاقهم أبواب المسجد لمنع خروج المصلين العزل كما أنهم منعوا دخول أي شخص لإسعاف الجرحى.
ووفقا لوكالة يفا الفلسطينية فإن يوم 25 فبراير شهد على مجزرة آخرى في حق الفلسطينيين إذ أشارت الوكالة إلى أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على الفلسطينيين الذين شاركوا في تشييع جثامين شهداء المسجد مما أدى إلى استشهاد 21 شخصًا آخرين.
ومع تصاعد التوتر في الأراضي المحتلة أطلق الجنود النار على المتظاهرين في اليوم التالي مما أسفر عن مقتل 10 آخرين وإصابة مئات آخرين.
إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بعد مذبحة المسجد الإبراهيمي
وعقب المذبحة التي ارتكبها غولدشتاين أغلقت قوات الاحتلال البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل لمدة ستة أشهر كاملة بدعوى التحقيق في الجريمة التي ارتكبت.
وشكلوا من جانب واحد لجنة شمغار للتحقيق في المجزرة وأسبابها والتي خرجت وقتها بعدة توصيات كلها ضد الضحايا ولمصلحة المستوطنين المتطرفين.
وتضمنت التوصيات تقسيم الحرم الإبراهيمي بين المسلمين واليهود وخلق وقائع جديدة على الأرض أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لسكان المنطقة الفلسطينيين وتشديد الإجراءات الأمنية حول المسجد الحرام، وإعطاء سلطات الاحتلال السيطرة الكاملة على المسجد من أجل مواصلة تحويله إلى مزار يهودي، ومنع الأذان من مآذنه عدة مرات خلال العام، فضلا عن إغلاقه أمام عبادة المسلمين عدة مرات في العام مع فتحه بالكامل للعبادة اليهودية فقط.
وبعد فترة وجيزة وضعت سلطات الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على كافة المداخل المؤدية إلى منطقة المسجد وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه أمام المسلمين باستثناء بوابة واحدة بإجراءات عسكرية مشددة.
وأغلقت سوق الخضار الشعبي (الجامع). حسبة)، وخاني الخليل وشاهين، وشارع الشهداء والسهلة. وبهذه الإجراءات، تم فصل البلدة القديمة عن محيطها وهي إجراءات لا تزال قائمة حتى اليوم بل هي أشد قسوة.
ويذكر أن المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين واسمه الحقيقي بنيامين غولدشتاين كان يبلغ من العمر 42 عاماً عندما ارتكب المجزرة.
وكان أحد مؤسسي حركة كاخ الإرهابية اليهودية ولد في نيويورك لعائلة يهودية أرثوذكسية متشددة وتلقى تعليمه في المدارس الدينية اليهودية في بروكلين وحصل على شهادة في الطب من كلية ألبرت أينشتاين للطب في جامعة يشيفا وجاء إلى إسرائيل من الولايات المتحدة عام 1980 وعاش في مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي الخليل التي تضم أكثر المستوطنين تطرفا وعنصرية في إسرائيل.
بداية سلسال الدم في فلسطين
والجدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف إلى يومنا هذا عن سفك دماء الفلسطينيين فقد بدأ في تنفيذ عمليات القتل الجماعي والتهجير القسري للفلسطينيين منذ عام 1948 فتشير الروايات التاريخية إلى أنه خلال هذه الفترة المضطربة شارك كل من الجنود الإسرائيليين وجنود اليشوف (الإسرائيليين لاحقًا) في ما لا يقل عن 33 مذبحة وغيرها من أعمال العنف العشوائية ضد الفلسطينيين.
ومن الأمثلة على ذلك مجزرة سعسع التي راح ضحيتها 60 عربيا في منازلهم بينهم أطفال وكذلك حادثة الحسينية المأساوية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 30 طفلا وامرأة ويستكمل بالمصري فيما يلي سرد أبرز المجازر التي وقعت بعد أن قرر البريطانيون في فبراير 1947 إنهاء انتدابهم وتنفيذ خطة تقسيم فلسطين:
مذبحة دير ياسين (أبريل 1948)
في يوم 9 أبريل عام 1948 ارتكبت مجموعات الميليشيات الصهيونية مذبحة دير ياسين التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 107 فلسطينيين ومن بين الضحايا عشرات الأطفال والنساء والشيوخ وكان لهذا الحدث المأساوي عواقب بعيدة المدى إذ أدى إلى نزوح جماعي للفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، ليس فقط في القدس وما حولها ولكن أيضًا في مناطق أبعد.
كما أن مذبحة دير ياسين شكلت لحظة محورية في حملة التطهير العرقي الأوسع التي نفذتها الميليشيات الصهيونية والجيش الإسرائيلي الناشئ هدفت هذه الحملة إلى إقامة إسرائيل كدولة ذات أغلبية يهودية في فلسطين وإعادة تشكيل التركيبة السكانية والجغرافية للمنطقة.
مذبحة أبو شوشة (مايو 1948)
تعرضت قرية أبو شوشة لاعتداءات متعددة بلغت ذروتها في الهجوم الحاسم الذي بدأ في 13 مايو وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها سكان القرية لحماية منازلهم، سقطت أبو شوشة في أيدي الاحتلال في 14مايو.
مجزرة الطنطورة (مايو 1948)
الطنطورة قرية صيد ساحلية يبلغ عدد سكانها حوالي 1500 نسمة في عام 1945، تقع بالقرب من حيفا خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، استسلمت القرية للقوات الإسرائيلية ومع ذلك بدلاً من التحول السلمي شنت القوات الإسرائيلية هجوماً على القرية، مما أدى إلى مذبحة مأساوية راح ضحيتها ما يقرب من 200 فلسطيني وفي تحقيق لاحق حول هذه الفظائع التي وقعت في القرية الفلسطينية المدمرة الآن، تم تحديد ثلاث مقابر جماعية محتملة أسفل منتجع شاطئي.
مذبحة اللد (يوليو 1948)
اللد والرملة هما مدينتان تم تحديدهما في الأصل لتكونا جزءًا من الدولة الفلسطينية وفقًا لخطة التقسيم التي أصدرتها الأمم المتحدة عام 1947، أصبحتا في نهاية المطاف تحت السيطرة الإسرائيلية. بدأ الهجوم الإسرائيلي على اللد في 11 يوليو 1948.
أبدى المدافعون عن المدينة في البداية مقاومة شرسة لكنهم استنفدوا ذخيرتهم في النهاية ودخلت القوات الإسرائيلية المدينة في المساء وعند دخولها مارست أعمال عنف عشوائية وفتحت النار على كل من يحاول الهروب.
وقدم الجنود الإسرائيليون ضمانات خادعة تتعلق بالسلامة، وحثوا السكان على البقاء في منازلهم أو أماكن عبادتهم، ثم خانوا أولئك الذين يلتمسون اللجوء.
وبحلول يوم 12 يوليو، كان الإسرائيليون قد فرضوا السيطرة الكاملة على المدينة، على الرغم من أنها لم تستسلم رسميًا وأمروا السكان الذكور بالتجمع في المساجد والكنائس وفرضوا حظر التجول وفيما بعد قتلهم.
مذبحة صليحة (أكتوبر 1948)
كانت صالحة هي القرية الأولى التي ارتكبت فيها المجزرة على يد اللواء السابع من قوات الاحتلال الإسرائيلي فعند دخولهم القرية، قاموا بتفجير مسجد وقتلوا بشكل مأساوي ما بين 60 إلى 94 شخصًا كانوا قد لجأوا إلى الداخل.
مذبحة الدوايمة (أكتوبر 1948)
تعتبر مجزرة قرية الدوايمة واحدة من أكبر الفظائع التي ارتكبت في حرب 1948، ويمكن القول إنها واحدة من أفظعها وما يميزها عن المجازر الأخرى التي ارتكبتها الجماعات شبه العسكرية الصهيونية هو أن مرتكبيها كانوا من القوات المسلحة الإسرائيلية النظامية التي لديها القدرة على التخطيط العملياتي والتي نفذت المذبحة على ثلاث مراحل متميزة: أولاً في المنازل والأزقة، يليها مسجد القرية، وفي النهاية داخل الكهف.
تفاصيل المذبحة
في 29 أكتوبر بدأ الجيش الإسرائيلي الهجوم على القرية ونشر الجنود الدبابات والمدفعية والرشاشات وشنوا هجوماً متزامناً على القرية من ثلاثة اتجاهات مختلفة وتعرضوا لقوة نارية مكثفة.
وحاول المدافعون عن القرية الذين لا يزيد عددهم عن 20 رجلاً مسلحاً المقاومة لكن القوات الإسرائيلية تغلبت عليهم بسرعة.
وبحلول منتصف النهار كانت القوات الإسرائيلية قد دخلت القرية ولم تواجه مقاومة تذكر وبدأت في إطلاق النار بشكل عشوائي لأكثر من ساعة لذلك لجأت مجموعتان من السكان إحداهما إلى المسجد والأخرى إلى كهف مجاور يعرف باسم عراق الزاغ، لكن القوات الإسرائيلية طاردتهم وأطلقت النار عليهم.
وبعد انتهاء المذبحة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية تم اكتشاف 60 جثة معظمها لرجال مسنين، بينما كانت جثث العديد من الرجال والنساء والأطفال متناثرة في الشوارع بالإضافة إلى ذلك كان مدخل مغارة عراق الزاغ يضم جثث 80 رجلاً وامرأة وطفلاً وبعد إجراء التعداد تبين أن إجمالي 455 فرداً قد لقوا حتفهم، منهم 280 رجلاً والبقية نساء وأطفال.
مذبحة قبية (أكتوبر 1953)
شنت قوة قوامها 250 إلى 300 جندي إسرائيلي، بقيادة آرييل شارون، هجوماً باستخدام المتفجرات وغيرها من الأسلحة في قرية قبية بالضفة الغربية التي كانت تحت السيطرة الأردنية في ذلك الوقت وأدى هذا الحدث إلى خسارة أرواح المدنيين الفلسطينيين وتدمير 45 منزلاً ومدرسة ومسجداً.
مذبحة صبرا وشاتيلا (سبتمبر 1982)
وقعت المجازر في سياق الغزو الإسرائيلي للبنان في سبتمبر 1982حيث حاصرت القوات الإسرائيلية مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت الغربية وسمح حينها الجيش الإسرائيلي بدخول ميليشيا الكتائب المسيحية اليمينية، المتحالفة مع إسرائيل إلى المخيمات.
وخلال يومين من 16 إلى 18 سبتمبر، نفذ الكتائبيون عملية وحشية أسفرت عن خسارة عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين والمدنيين اللبنانيين، وأزهقت أرواح ما يقرب من 3000 شخص بشكل مأساوي مما تسبب في أثارت غضبا دوليا وانتقادات داخل إسرائيل لذلك قررت لجنة كاهان أن السلطات الإسرائيلية تتحمل المسؤولية غير المباشرة عن المذبحة، مما أدى إلى استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون.
مذبحة الأقصى (أكتوبر 1990)
وقعت مذبحة الأقصى المعروفة أيضًا باسم الاثنين الأسود في باحات المسجد الأقصى بالقدس المحتلة في أكتوبر 1990، خلال العام 3 للانتفاضة الأولى.
فقد تم التحريض على هذا الحدث المأساوي بسبب قرار إسرائيل وضع حجر الأساس للهيكل الإسرائيلي المفترض، مما أدى لاحقًا إلى أعمال شغب واسعة النطاق وفي المواجهات التي تلت ذلك والتي راح ضحيتها 17 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 150 فلسطينيًا.
مخيم جنين للاجئين (أبريل 2002)
خلال الانتفاضة الثانية شنت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية في مخيم جنين للاجئين الواقع في الضفة الغربية ونشرت إسرائيل قوات المشاة وقوات الكوماندوز والمروحيات الهجومية والدبابات والجرافات مما أدى إلى خسارة مأساوية لحياة 54 فلسطينيًا على الأقل.
القتال في غزة
أدت الهجمات الإسرائيلية المتعددة في غزة إلى سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين:
2008 - 2009: بدأت مذبحة غزة عندما بدأت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة في 27 ديسمبر 2008 وجاء هذا الإجراء بعد انتهاء الهدنة الهشة التي استمرت ستة أشهر بين حماس وإسرائيل.
إذ بدأ الهجوم الإسرائيلي بقصف شديد، استهدف البنية التحتية المدنية، التي شملت المساجد والمساكن والمرافق الطبية والمدارس.
وقامت القوات الإسرائيلية مراراً وتكراراً بنشر ذخائر الفسفور الأبيض في الهواء فوق المناطق المأهولة بالسكان وفي 3 يناير 2009 بدأ الغزو البري الإسرائيلي، مما أدى إلى مقتل ما يتراوح بين 1,166 إلى 1,417 فلسطينيًا.
اقرأ أيضا: شهيد وعدد من الجرحى يصلون مستشفى شهداء الأقصى بقطاع غزة