هل يجوز للمطلقة تزويج نفسها بدون ولي.. الرأي الفقهي
تثير مسألة زواج المطلقة بدون ولي جدلاً فقهياً وقانونياً، مع اختلاف الآراء حول صحة عقد النكاح في هذه الحالة. ونظراً لأهمية الموضوع، سنخصص هذا المقال لمناقشته بشيء من التفصيل، مُستعرضين فيه مختلف الآراء الفقهية، مع التطرق إلى الجانب القانوني في بعض الدول العربية.
الرأي الفقهي:
ينقسم الفقهاء في مسألة زواج المطلقة بدون ولي إلى فريقين رئيسيين:
1. الفريق الأول: يرى عدم صحة زواج المطلقة بدون ولي، مستندين إلى أحاديث نبوية صريحة تدل على وجوب الولي في عقد النكاح، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي". ويُستدلّون أيضاً بأنّ المرأة بحاجة إلى وليّ يحفظ حقوقها ويُراعي مصالحها، خاصة بعد تجربة زواج فاشلة.
2. الفريق الثاني: يرى صحة زواج المطلقة بدون ولي، بشرط أن تكون رشيدة عاقلة، وأن تتوفر فيها شروط الكفاءة. ويستندون إلى بعض الآراء الفقهية التي تُشير إلى جواز تولّي المرأة أمر زواجها بنفسها في بعض الحالات، مثل تعنت الولي أو عدم وجوده.
موقف القانون:
تختلف قوانين الدول العربية في مسألة زواج المطلقة بدون ولي:
- بعض الدول: تُقرّ بصحة زواج المطلقة بدون ولي، مثل مصر وتونس والمغرب. وتشترط هذه الدول عادةً أن تكون المرأة راشدة عاقلة، وأن تتوفر فيها شروط الكفاءة، وأن تتمّ عملية الزواج بإذن من القاضي.
- دول أخرى: تُحرم زواج المطلقة بدون ولي، مثل السعودية والإمارات. وتُشترط هذه الدول وجود وليّ للزوجة في جميع حالات الزواج، سواء كانت بكراً أو ثيباً.
مناقشة حول هل يجوز للمطلقة تزويج نفسها بدون ولي
يُثير موضوع زواج المطلقة بدون ولي نقاشاً حول توازن الحقوق والواجبات بين المرأة والمجتمع. فمن ناحية، تُؤكّد بعض الآراء على حقّ المرأة في اختيار شريك حياتها دون وصاية من أحد، خاصة بعد تجربة زواج سابقة. ومن ناحية أخرى، يُشدّد البعض على أهمية دور الوليّ في حماية مصالح المرأة وضمان زواجها من كفء.
تنويه
لا تزال مسألة زواج المطلقة بدون وليّ موضع نقاش وجدل، مع اختلاف الآراء الفقهية والقانونية حولها. ويُنصح كلّ امرأة مُطلقة ترغب في الزواج باستشارة أهل العلم والقانون في بلدها للتعرّف على الأحكام المُطبّقة وشروط الزواج المُعمول بها.
ملاحظات:
- هذا الموضوع مُقدّم كعرض عامّ للآراء المختلفة حول مسألة زواج المطلقة بدون ولي، وليس فتوى شرعية أو نصّاً قانونياً.
- ينبغي على كلّ امرأة مُطلقة ترغب في الزواج استشارة أهل العلم والقانون في بلدها للحصول على فتوى مُخصّصة لحالتها.
موقف دار الإفتاء المصرية من زواج المطلقة بدون ولي:
أوضحت دار الإفتاء المصرية رأيها في مسألة زواج المطلقة بدون وليّ من خلال فتوى رسمية صادرة عام 2020، مُبيّنةً أنّ الراجح في مذهب الحنفية - وهو المذهب المُعتمد عليه في الأحوال الشخصية في مصر - جواز زواج المطلقة بدون وليّ بشرط أن تكون رشيدة عاقلة وأن تتوفر فيها شروط الكفاءة.
وتستند دار الإفتاء في رأيها إلى ما يلي:
- أدلة من السنة النبوية: مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح ثيب إلا بإذنها".
- آراء فقهاء الحنفية: الذين يُجيزون للمرأة الرشيدة تزويج نفسها دون الحاجة إلى وليّ.
- القانون المصري: الذي ينصّ على حقّ المرأة البالغة الرشيدة في تزويج نفسها دون الحاجة إلى وليّ.
ومع ذلك، تنصح دار الإفتاء بأن تلتزم المرأة الراغبة في الزواج بدون وليّ بالإجراءات التالية:
- استشارة أهل العلم: للتأكد من صحة زواجها من الناحية الشرعية والقانونية.
- الزواج من كفء: من حيث الدين والأخلاق والمال.
- إعلام أهلها: قدر الإمكان، حرصاً على صلة الرحم وحفظاً لحقوقها.
وتؤكّد دار الإفتاء على أنّ الأصل هو وجود وليّ في عقد النكاح، لما في ذلك من صيانة لحقوق المرأة وحفظاً لمصالحها. إلا أنّها تُقرّ بحقّ المرأة الرشيدة في تزويج نفسها دون وليّ في ظلّ الشروط المذكورة أعلاه.
ختاماً:
تُقدم دار الإفتاء المصرية رؤية مُستنيرة ومُوازنة في مسألة زواج المطلقة بدون وليّ، مُراعيةً لحقوق المرأة واحتياجاتها، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالضوابط الشرعية والقانونية لضمان زواج مُستقرّ وسعيد.
“هل أعجبك هذا المحتوى؟ هل وجدته مفيدًا أو ممتعًا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهل ترغب في مساعدتنا على نشره؟ شاركه مع أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر البريد الإلكتروني، كل مشاركة تساعدنا على الوصول إلى المزيد من الأشخاص ومشاركة المحتوى الرائع معهم، شكرًا لك على دعمك، ونسعد ان تزورونا على منصات «بالمصري» المختلفة.، الفيس بوك - تويتر - لينكد إن - بنترست - يوتيوب”