هل يجوز إخراج زكاة المال من فوائد البنوك
يُعدّ موضوعُ الزكاة من أهمّ الفرائض الإسلامية، وهو ركنٌ أساسيٌ من أركان الإسلام، وفرضٌ واجبٌ على كلّ مسلمٍ مُقتدرٍ. ولقد خصّص اللهُ تعالى نصيبًا من الأموالِ للفقراءِ والمساكينِ، ليكونَ لهم عونًا في حياتهم، ولتحقيقِ التكافلِ الاجتماعيِّ بين أفرادِ المجتمعِ الإسلاميِّ.
ولكن مع التطوراتِ الحضاريةِ الحديثة، ظهرتْ مُستجداتٌ اقتصاديةٌ جديدةٌ، منها ودائعُ الأموالِ في البنوكِ، وكسبُ الأرباحِ من خلالِها. فهل تُعدّ هذه الأرباحُ من الأموالِ التي تجبُ فيها الزكاةُ؟ وهل يجوزُ إخراجُ زكاةِ المالِ من فوائدِ البنوكِ؟
هل يجوز إخراج زكاة المال من فوائد البنوك
لإجابةِ هذا السؤالِ المُهمّ، لا بدّ من التمييزِ بين نوعينِ من البنوكِ:
1. البنوكُ الإسلاميةُ:
هي البنوكُ التي تُطبّقُ الشريعةَ الإسلاميةَ في مُعاملاتها، وتتجنّبُ أيّ مُعاملاتٍ ربويةٍ محرّمةٍ. وفي هذه الحالةِ، فإنّ الأرباحَ التي تُحقّقُها هذه البنوكُ من خلالِ استثمارِ الأموالِ المودعةِ لديها تُعدّ مالاً مُباحًا، تجبُ فيه الزكاةُ.
ويكونُ إخراجُ زكاةِ مالِ البنوكِ الإسلاميةِ كالتالي:
- تحديدُ النصابِ: وهو الحدّ الأدنى الذي تجبُ فيه الزكاةُ، وهو خمسةُ أواقي من الفضّةِ، أو ما يعادلها من الذهبِ أو النقدِ.
- إضافةُ الأرباحِ إلى النصابِ: بحيثُ تصبحُ كلّها مبلغًا واحدًا.
- حسابُ الزكاةِ: تُحسبُ الزكاةُ بنسبةِ 2.5% من المبلغِ الكلّيّ.
- إخراجُ الزكاةِ: تُوزّعُ الزكاةُ على المُستحقّينَ من الفقراءِ والمساكينِ وغيرهم.
2. البنوكُ الربويةُ:
هي البنوكُ التي تُطبّقُ نظامَ الفائدةِ الربويةَ المحرّمَةَ في الإسلامِ. وفي هذه الحالةِ، فإنّ الأرباحَ التي تُحقّقُها هذه البنوكُ تُعدّ مالاً حرامًا، لا تجبُ فيه الزكاةُ.
وذلك لأنّ الربا محرّمٌ في الإسلامِ، ولا يجوزُ للمسلمِ أنْ يأكلَ الرباَ أو يُعطيه. فإذا أخذَ المسلمُ فوائدَ من بنكٍ ربويٍّ، فإنّه يكونُ قد ارتكبَ إثمًا، ويجبُ عليه التوبةُ إلى اللهِ تعالى، والتخلّصُ من هذه الأموالِ الحرامِ.
أمّا إذا كانَ المسلمُ مضطرًّا إلى وضعِ أموالِه في بنكٍ ربويٍّ، فلا يجوزُ له أنْ يأخذَ الفوائدَ الربويةَ، بل يجبُ عليه التبرّعُ بها للفقراءِ والمساكينِ.
خاتمةٌ تهمك
إنّ إخراجَ زكاةِ المالِ من فوائدِ البنوكِ واجبٌ على كلّ مسلمٍ مُقتدرٍ في البنوكِ الإسلاميةِ، أمّا في البنوكِ الربويةِ فلا يجوزُ إخراجُ الزكاةِ من فوائدِها، لأنّها مالٌ حرامٌ.
ولكن يجبُ على المسلمِ أنْ يسعى جاهدًا لوضعِ أموالِه في بنوكٍ إسلاميةٍ، ليكونَ مطمئنًّا على حلاليةِ أموالِه، وأداءِ واجباتِه الدينيةِ على أكملِ وجهٍ.
رأي دار الإفتاء المصرية في إخراج زكاة المال من فوائد البنوك:
تؤكّد دار الإفتاء المصرية على وجوب إخراج زكاة المال من الأرباح التي تُحَقّقُها الودائعُ في البنوكِ الإسلاميةِ، وذلك لأنّ هذه الأرباحَ تُعدّ مالاً مُباحًا، ينطبقُ عليه أحكامُ الزكاةِ الشرعيةِ.
وتُوضّحُ دارُ الإفتاءِ أنّ مقدارَ الزكاةِ في هذه الحالةِ هو ربعُ العشرِ (2.5%) من أصلِ المالِ المُودّعِ مع أرباحِه، وذلك إذا بلغَ النصابَ الشرعيَّ (وهو 85 جرامًا من الذهبِ الخالصِ أو ما يُعادلها) وحال عليه الحولُ القمريُّ.
وتُشيرُ دارُ الإفتاءِ إلى أنّ بعضَ أهلِ العلمِ المعاصرينَ يرى أنّ الزكاةَ في المالِ المودّعِ بالبنكِ الذي يتعيشُ منه صاحبُه تُستَحَقُّ على العوائدِ فقط، وذلك لأنّ المالَ المودّعَ في البنكِ يُشبهُ الأرضَ التي تجبُ الزكاةُ فيما تُخرجهُ من نتاجٍ. وبناءً على هذا الرأي، فيجوزُ للمودّعِ أنْ يكتفي بإخراجِ عشرِ أرباحِ المالِ المودّعِ، ولا نظرَ هنا إلى مرورِ الحولِ، ويكونُ ذلك مجزئًا له عن زكاةِ هذا المالِ.
أمّا بالنسبةِ للأموالِ المودّعةِ في البنوكِ الربويةِ، فإنّها تُعدّ مالاً حرامًا، لا تجبُ فيه الزكاةُ. وذلك لأنّ الربا محرّمٌ في الإسلامِ، ولا يجوزُ للمسلمِ أنْ يأكلَ الرباَ أو يُعطيه. فإذا أخذَ المسلمُ فوائدَ من بنكٍ ربويٍّ، فإنّه يكونُ قد ارتكبَ إثمًا، ويجبُ عليه التوبةُ إلى اللهِ تعالى، والتخلّصُ من هذه الأموالِ الحرامِ.
وإذا كانَ المسلمُ مضطرًّا إلى وضعِ أموالِه في بنكٍ ربويٍّ، فلا يجوزُ له أنْ يأخذَ الفوائدَ الربويةَ، بل يجبُ عليه التبرّعُ بها للفقراءِ والمساكينِ.
ونُؤكّدُ على أنّ هذا هو رأيُ دارِ الإفتاءِ المصريةِ المُعتمدُ، وننصحُ المسلمينَ بالرجوعِ إلى فتاوى الدارِ عندَ وجودِ أيّ استفساراتٍ شرعيةٍ.
“هل أعجبك هذا المحتوى؟ هل وجدته مفيدًا أو ممتعًا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهل ترغب في مساعدتنا على نشره؟ شاركه مع أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر البريد الإلكتروني، كل مشاركة تساعدنا على الوصول إلى المزيد من الأشخاص ومشاركة المحتوى الرائع معهم، شكرًا لك على دعمك، ونسعد ان تزورونا على منصات «بالمصري» المختلفة.، الفيس بوك - تويتر - لينكد إن - بنترست - يوتيوب”