هذه رسالة مفتوحة لكل من يهمه أمر القرآن الكريم داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، وكل من لا يخشى في الله لومة لائم. اغضبوا من أجل كتاب الله وسطروا عملًا سوف يخلده التاريخ لكم.
كثيرٌ جدًا من التلاوات القرآنية الخارجية، القديمة والحديثة، تشوبها هتافات وتجاوزات غير مقبولة. بعضُها يكون تلقائيًا من مستمعين يفتقدون إلى الحكمة ويعدمون توقير كلام الله تعالى، وبعضُها صادرٌ عن مستمعين يستأجرهم بعض القراء لأسباب معلومة.
في العام 1951..نشرت مجلة "الراديو المصري" رسائل كثيرة تُعلن الاستياء العام والاستنكار للضوضاء التي يُحدثها نفرٌ من الجمهور في المساجد أثناء إذاعة الأمسيات والفعاليات الدينية، خاصة عند تلاوة القرآن الكريم.
وبحسب المجلة..فإن إدارة الإذاعة –يومئذٍ- وجهت المُشرفين على الاحتفالات الدينية بالمساجد بأن يتدخلوا لمنع هذه الضوضاء فورًا، كما أمرتهم بعدم النقل أو التسجيل من المساجد التي لا يراعي روادها آداب الاستماع إلى القرآن الكريم.
ورغم مرور أكثر من 70 عامًا على هذه الواقعة إلا إن شيئًا لم يتغير، ولا يزال التقصير بحق القرآن الكريم مستمرًا. ورغم اختلاف الزمان غير الزمان وتعدد منابر الوعي إلا أن هذه الفوضى لم تنتهِ ولم تلقِ أوزارها بعد، بل أصبحت هذه الظاهرة الآثمة تتفاقم وتتخذ أبعادًا أكثر حماقة وجهالة؛ خاصة في ظل الهواتف الذكية وإمكانية تصوير هذه التلاوات وتحميلها بما يكتنفها من إساءة أدب في بيوت الله ومع كلامه الكريم، على موقع الفيديوهات المصورة "يوتيوب".
من أجل ذلك أناشد القاطنين بمبنى الإذاعة والتليفزيون دون تسميتهم؛ لأنهم يستشيطون غضبًا، باتخاذ الإجراءات العاجلة والتدابير اللازمة لكبح جماح هذه السخائف التي تجاوزت الخيال من خلال محورين أساسيين.
- المحور الأول يتمثل في مراجعة التلاوات القديمة التي يشوبها هتافات وصراخ وشطط من المستمعين وتنقيتها عبر أجهزة المونتاج الحديثة من كل هذه التجاوزات، وحجبها بالكامل إذا تطلب الأمر، وهذا أمرٌ ليس صعبًا أو مستحيلاً.
-المحور الثاني يتمثل في ضرورة التنبيه على القراء الحاليين بالتوقف عن استئجار بعض الأشخاص؛ من أجل "تصييتهم" وإظهارهم في صورة القراء المبدعين من خلال المناسبات الدينية التي يتم تسجيلها خارج مسجد الهيئة الوطنية للإعلام "مسجد التليفزيون سابقًا"، ومقاطعة القراء الذين يخونون الأمانة ويصرون على اقتراف هذا المسلك الشائن، وعدم الاستعانة بهم.
قبل عامين..حضرتُ –بالصدفة- تسجيل أمسية دينية بأحد المساجد الكبرى بوسط القاهرة، ورغم تذكير المذيع للحضور بقوله تعالى: "وإذا قُريء القرآنُ فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون"، ورغم الأداء الباهت والمتداعي للقاريء إلا أن ثلة من الحاضرين احتشدوا بالقرب منه ولم يتوقفوا عن إطلاق حماقاتهم وإطلاق أوصاف أسطورية على "مولاهم صاحب الفضيلة"، وكأنهم في مباراة لكرة القدم أو في أمسية فنية، ولم يتوقفوا إلا مع انتهاء التلاوة، فيما ظل المذيع الذي أمرنا بالصمت مشغولاً بهاتفه المحمول.
وعندما انفضَّتْ الأمسية استفسرتُ عن هوية هؤلاء "الهتيفة" فعلمتُ أن القاريء الشيخ، وهو إذاعيٌّ قديمُ ومُحكم دوليٌّ قديرٌ، يصطحبهم على نفقته الخاصة أينما حلَّ أو ارتحل؛ باعتبارهم "شيء لزوم الشيء"..وهذه-وأيم اللهِ- لإحدى الكُبَر!! ولأنَّ الشيء بالشيء يُذكر.. فإنَّ الصحف المصرية نشرت في مايو 2004 تقريرًا يفيد بأنَّ رئيس شبكة القرآن الكريم – يومئذ- الدكتورة هاجر سعد الدين عقدت اجتماعًا مع ثمانين قارئًا بمُختلف الشبكات الإذاعية؛ لتحذيرهم مِن الاستعانة بـ"الهتيفة"، وكان ذلك في حضور نقيب القراء السابق الشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ محمود طنطاوي رئيس لجنة المصحف بالأزهر الأسبق رَحِمَهما الله وعدد آخر من مسؤولي الإذاعة، ما يعني أننا بصدد "فوضى تاريخية" يصنعُها مَن يجب أن يكونوا مؤتمنين على كتاب الله تعالى أكثر من غيرهم!
ولأنَّ من أمِنَ العقوبة أساءَ الأدب..فإنَّ هذا الانفلات الأخلاقي من بعض القراء وبعض المستمعين يتفاقم يومًا بعد يوم..ما لكم لا تجعلون لله وقارًا؟! ربما كانت التجاوزات التي تشوب التلاوات العتيقة والقديمة ناجمة عن انبهار بعض البسطاء من إبداع عمالقة دولة التلاوة المتقدمين، وهي- كما أسلفنا- مرفوضة وغير مبررة، أمَّا التجاوزات المصاحبة للتلاوات الحديثة فهي مصطنعة ومدفوعة مقدمًا، ولا يجب غضُّ الطرف عن هذه أو تلك أو التهاون فيهما؛ لأنَّ كتاب الله تعالى أولى من غيره بالاهتمام والاحترام وعدم تركه ساحة مُستباحة لبعض الجهال والحمقى والمجاذيب؛ ولذا نطلق هذه الدعوة خالصة لوجه تعالى بضرورة إعادة الاحترام والتوقير والتقدير لكلام الله تعالى من خلال اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لتنقية التلاوات التي يتم إذاعتها عبر أثير الإذاعة المصرية من كل هذه التصرفات غير اللائقة والمفسدة للأجواء الروحانية للقرآن الكريم.. فهل أنتم فاعلون؟!