الجمعة 22 نوفمبر 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

قرأت ذات يوم على تطبيق "فيس بوك"، شكوى لأحد الشباب الذين لم يكملوا العشرين من عمرهم، حيث كان يشتكي من أهله بأنهم لا يستطيعون فهمه أو حتى الاستماع إليه، وتقليلهم المستمر من مشاكله، فهم دائمًا لم يكونوا مقتنعين بأن حزنه هذا قد يصل لأقصى درجة من درجات الاكتئاب، حيث كان ردهم المعتاد:
"هتيجوا إيه جنبنا- يا ابني أنتم فشلة وجيل طري".
انتهت بي الحال وأنا أفكر في السؤال الذي حضر بذهني، هل حقًا نحن الجيل الفاشل، أم هم من لا يستطيعون فهمنا؟
وقد لا تتعدى أعمار هؤلاء الشباب الخامسة والعشرين، ومن بينهم المراهقون!
فأصبحت أنظر حولي بين أصدقائي وزملاء الدراسة، حاولت محاورتهم والاستماع لهم، في محاولة مني لمعرفة هل جميع مشاكلنا وليدة الظروف أم تختلف بمرور الوقت وتعاقب الأجيال؟
أعترف بأن جميع الأهالي والجيل القديم قد عانوا في حياتهم كثيرًا، كي يصلوا إلى ما هم عليه الآن، ولكنكم لستم من زماننا! فقد ولدِتُم وتربيتم وأنتم تعلمون معنى الأسرة المتماسكة، فكانت فكرة الطلاق بالنسبة لكم شيئًا كبيرًا، وليست شيئًا يُحتفل به وتقام له الاحتفالات، وقليلًا ما كان يسمع عنها، فقد كان هناك الاحترام بين الناس، الكل يرضى بما قسمه الله له، فكانت أحلام الفتيات محدودة للغاية، على سبيل المثال استكمال تعليمها ثم الزوجِ صالح، وكانت أكبر مخاوفها ألا تتزوج، وكانت تتركز أكبر أحلام الشباب على الذهاب لسينما رويال أو العثور على وظيفة مهما كان نوعها.
كانت شروط الزواج لا تتوقف على الشقة أو القائمة، تسير الفتاة في الشارع آمنة مهما كان شكل ملابسها، حيث كان هناك احترام الغير، والنخوة والشهامة المعروفة لدى المصريين.
ولكن.. اختلف كل هذا الآن.. نعم!
فأنتم تروننا مرفهين لمجرد امتلاكنا الهواتف الذكية التي لا تخلو من الإنترنت، والتنقل حول العالم دون التحرك من أماكننا، لكن تعلمون أن كل هذه النعم نراها نحن نِقمة علينا!
نعم.. فمنذ ولادتنا ونحن نعلم معنى كلمة الطلاق والخلع، حرمان فلان/ة من أبنائهم لمجرد العند إلا من رحم ربي، حتى أصبح إيجاد أسرة متماسكة يكاد يكون معدومًا، نحن الجيل الذي يكثر فيه انتحار الشباب، فهناك من انتحر بسبب فصله من عمله، أو خلاف مع أهله، أو بسبب صعوبة الامتحانات أو رسوبه بها، هذا الجيل الذي حضر ثورتين تغيرت من خلالهما أحوال الناس وسلوكياتهم وأيضا القوانين.
الكل يهتم فقط للمال ويهمل بيته وأهله، اختلط الحلال بالحرام حتى أصبح الحرام شيئًا مستباحًا، لا تخلو حقائب الفتيات من أدوات الدفاع عن النفس، لأنها تعلم أن الجميع سيلوم عليها، أما من طريقة لبسها أو أسلوبها، فبعد تطور التكنولوجيا أصبح كل شيء متاحًا، تطورت معها الأفكار التطرفية وانتشر الفساد الأخلاقي والمحرمات مثل المثلية وغيرها، بل وأصبحت الدول الكبرى تروج لها وتصدرها لنا!
أطفال اليوم يملكون من العلم ما لم تملكه إلا وأنت ضعف عمرهم، انعدمت الشهامة لدى الكثير من الرجال، أصبح حياء الفتاة شيئًا نادرًا، الجميع يسعى خلف المال، أصبح الربح لدى بعض الرجال هو المتاجرة بالأعراض، بعض الفتيات في هذا الوقت تفكر في كيفية إثبات ذاتها في الزواج وبعد الزواج، في حال فشل العلاقة، وبفضل انتشار ظاهرة البلوجر من أصحاب المظاهر الخداعة والقصص المزيفة، ارتفع سقف أحلام وطموحات الشباب والفتيات، فلا يرضى الشاب برزقه مهما رزق، ولا ترضى الفتاة بعيشتها أو بنصيبها من الزواج، فهم يريدون أن يعيشوا مثل هؤلاء البلوجر مهما كلف الأمر. 
مع كل هذه الأحلام واصطدامهم بالواقع، ينتج لنا أطفال وشباب مشوهين نفسيا، فأغلبهم مرضى نفسيين، أغلبهم مصابون بالاكتئاب، ومع ذلك لا يستطيعون الحديث لأنهم يعرفون الإجابة، فماذا تنتظر منهم أن يفعلوه؟
نحن الجيل التائه الذي لا ينام دون التفكير في الماضي والحاضر والترتيب للمستقبل، الذين أقصى أمنياتهم إيجاد من يساعدهم.
لسنا الجيل الفاشل بل الجيل الذي انتشرا فيه الفواحش تحت ستار الحريات وحقوق الإنسان، ودُمرت النفوس واختفت الأصول، وانعدم الأمان بين البشر.
فما زلت تعتقد أننا في نعمة ومرفهون.. ساعدهم لا تقلل منهم فهم بحاجة لك، أخرجوهم أسوياء يدعون لك ويدعو كل من يقابلهم.

تم نسخ الرابط