فايننشال تايمز: «أردوغان.. ديكتاتور يُخفي الاستبداد تحت عباءة البيروقراطية»
يبقى الاستبداد، وليس الإصلاح، هو وصفة أردوغان لتركيا"، بذلك العنوان رصدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ إعادة انتخاب رئيسًا للبلاد في مايو الماضي، مشيرة إلى أن كافة التعديلات التي أخذها الأخير تدل على اتباعه نهجًا ديكتاتوريًا الهدف منه تعزيز قواه والقضاء على صلاحيات منافسينه.
القضاء على المنافسين
وبحسب الصحيفة، فقد أعرب محللون غربيون، عن أملهم في أن يخفف أردوغان، من أسلوب حكم الرجل القوي الذي ينتهجه، وغذى تفاؤلهم العديد من الخطوات التي اتخذها أردوغان.
من ضمن تلك الخطوات، كانت تعيين تكنوقراط مؤيدين لسياسات السوق الحر في فريقه الاقتصادي، واستبدال وزير الداخلية المتشدد، وتخفيف الخطاب المناهض للغرب، والتعبير عن الدعم لعضوية السويد في حلف شمال الأطلسي.
إلا أن تلك الخطوات جميعها، كانت تهدف إلى تعزيز حكم الرجل الواحد لأردوغان، بمساعدة الغرب، فقد جلب التعديل الوزاري الذي أجراه، تكنوقراط، لكنه أدى أيضًا إلى تهميش المنافسين المحتملين - وعلى رأسهم سليمان صويلو، وزير الداخلية السابق القومي المتعصب والمناهض للغرب"، بحسب الصحيفة.
وتواصل الصحيفة فرد الحقائق، مشيرة إلى أن صويلو، كان يُنظر له كونه "الرجل الثاني" للنظام، وبعد الانتخابات، أبعده أردوغان وبدأ في تطهير البيروقراطية التركية من الموالين لصويلو.
الأمر ذاته، نفذه أردوغان مع خلوصي أكار، وزير الدفاع السابق، الذي كان هو الآخر أحد المرشحين المحتملين للفوز بمنصب رئيس الدولة، إلا أن مصيره تحدد بسبب شعبيته المتزايدة وانتقاده لقرارات أردوغان، وهو ما زاد تخوفات الأخير، ودفعها لاستبداله بآخر عقب الانتخابات.
قمع المعارضة
تستمر جهود الرئيس التركي في قمع معارضيه بلا هوادة، بعدما تخلص من معارضيه او الشخصيات ذات نفوذ شعبي في حكومته، ذهب إلى المعارضة، حيث يقبع في سجونه منافسيه السياسيين والنشطاء الحقوقيين والصحفيين، على الرغم من أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بحسب الصحيفة.
ودليلًا على ذلك، فقد قام أردوغان بعد فوزه بالانتخابات، بإعادة النظر في قضية ضد أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول المعارض الذي يتمتع بشعبية كبيرة، بتهمة التلاعب في المناقصات.
وبعد إدانته العام الماضي بتهمة "إهانة موظف عام"، مُنع إمام أوغلو فعليًا من الترشح ضد أردوغان في انتخابات الرئاسة، ويواجه الآن عقوبة السجن المحتملة والحظر السياسي إذا ثبتت إدانته، بحسب الصحيفة ذاتها.
وقد نجح أردوغان بالفعل في تفتيت المعارضة، التي باتت تقاتل من أجل الاستمرار طمعًا في المناصب وليس في القضية ذاتها كما كان معتاد، حتى أن كمال كليجدار أوغلو، الذي خسر أمام أردوغان في مايو الماضي، والمعارض الأشد قوة، بات يواجه الدعوات للاستقالة من زعامة حزب الشعب الجمهوري المعارض.
الأزمات الاقتصادية
ترى الصحيفة أن العدو الوحيد المتبقي أمام أردوغان، هي الأزمات الاقتصادية، التي أصبحت العائق في طريق جهوده لتعزيز حكمه الاستبدادي.
لكن الرئيس التركي بدلًا من اللجوء إلى الإصلاحات الهيكلية، سعى إلى حلول سريعة، حيث قام بتعيين محمد شيمشك، وزير المالية المؤيد للسوق، لقيادة الاقتصاد.
في حقيقة الأمر، يبدو أن تحركات أردوغان، باتت تؤتي ثمارها، فقد عاد المستثمرون الأجانب إلى تركيا كما أن البنك الدولي قرر مضاعفة دعمه لأنقرة إلى 35 مليار دولار، وهو ما يعول عليه أردوغان متجاهلًا إجراء إصلاحات عميقة.
إلا أن الصحيفة، ترى في خطوات الرجل، مجرد خداع سياسي لتوطيد حكمه القوي بتركيا، لافتة إلى أن أنقرة باتت تمر بمرحلة منعرجة نحو الديمقراطية الغربية.
في الوقت ذاته، انتقدت الصحيفة، دعم الغرب للرئيس التركي، في توثيق خطواته الاستبدادية وتحقيق حلم الرجل الأوحد بالدولة.