الثلاثاء 16 يوليو 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

تأميم قناة السويس.. ذكرى الخطاب الأجرأ في التاريخ

بالمصري

«باسم الأمة.. رئيس الجمهورية.. مادة 1.. تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات.. وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليا على إدارتها.. لن تكون سيادة في مصر إلا لأبناء مصر».. بهذه الكلمات وقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يوم 26 يوليو 1956، بميدان المنشية بمحافظة الأسكندرية، وسط جموع المصريين؛ ليلقي الخطاب الأجرأ في التاريخ ويعلن أمام العالم أجمع، أنه لن تكون هناك سيادة في مصر إلا للشعب المصري، وأن القناة التي حفرت بأيادٍ وسواعد مصرية لن تكون إلا لهم، وبصوت قوي وكلمات رنانة هزت مشاعر المتواجدين في الميدان والجالسين على المقاهي وبجانب الراديو أعلن «عبدالناصر» تأميم شركة قناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية.

تأميم قناة السويس 26 يوليو 1956

بعد ثورة 23 يوليو 1952، ورحيل الملك فاروق الأول بعدما تنازل عن العرش لإبنه الرضيع أحمد فؤاد الثاني، على متن يخت المحروسة، وإعلان محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية، جاء بعد في الحكم الرئيس جمال عبد الناصر، الذي لم يتخذ وقتا طويلًا ليقرر خطوته التالية، والتي كانت بالتأكيد «تأميم قناة السويس». 

لم يستغرق «عبدالناصر» وقتا طويلًا ليتخذ هذا القرار، ففي يوم 21 يوليو 1956 الذي كان يوافق ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، بدأ يدرس جميع الاحتمالات المتوقع حدوثها وتبعات هذا القرار مثل الموقف الدولي واحتمالية تدخل عسكري، ولكنه لم يتراجع عن قراره، ووقع اختياره على المهندس محمود يونس، رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول ليكون هو المسئول الأول عن عملية تأميم القناة وخول له كافة السلطات والصلاحيات وحرية اختيار رجاله والمعاونين له ووضع خطة التأميم خلال فترة وجيزة لا تتجاوز55 ساعة.

اختيار رجال التأميم

بدأ المهندس محمود يونس في اختيار رجال التأميم من دائرة الثقة المحيطة به من زملاء السلاح والكفاح من ضباط سلاح المهندسين والعاملين المدنيين بهيئة البترول، مع وضع الإطار العام لخطة التأميم والتصديق عليها خلال اجتماعه مع الرئيس عبد الناصر بمجلس قيادة الثورة.

وكان اتفاق «يونس» مع «عبدالناصر» في غاية السرية، فبدأ في التواصل مع رجال التأميم والاجتماع بهم لإبلاغهم بالمهام المطلوبة منهم دون إبداء معلومات واضحة عن طبيعة العملية ذاتها مع التأكيد على الالتزام بالسرية التامة وتنفيذ التعليمات بحذافيرها، وبدأوا بالتحرك مجموعات كل مجموعة تتكون من خمسة أو ستة أفراد على رأسهم قائد من العسكريين يحمل مجموعة من الخطابات التي تحمل كل منها اسم الجهة التي سيقصدها وبكل منها التعليمات المطلوب تنفيذها.

وفي معسكر الجلاء بالإسماعيلية، كانت المفاجأة تنتظر رجال التأميم، ممن تحركوا على دفعات في وجهات مختلفة على موعد للقاء مرة أخرى والاجتماع بالمهندس محمود يونس، الذي فاجئهم بحقيقة المهمة وهي «تأميم قناة السويس».

حالة من الصمت والذهول سادت أركان المكان، يخالطها فرحة عارمة لا تخلو من الخوف أصابت مجموعة التأميم التي أنصتت باهتمام إلى خطة تنفيذ عملية تأميم القناة.

كلمة السر «ديليسيبس»

«ديليسبس هي كلمة السر وإشارة البدء، سننتظر سماعها في خطاب الرئيس عبد الناصر بالمنشية بالإسكندرية مساء اليوم 26 يوليو في ذكرى رحيل الملك فاروق» هكذا توجه المهندس محمود يونس لمجموعة التأميم، ليخبرهم بموعد تنفيذ القرار، لينتظر الجميع في رهبة وترقب لحظة إعطاء الضوء الأخضر بالتحرك»

تقسيم عناصر التأميم لمجموعات

تم تقسيم عناصر التأميم إلى ثلاث مجموعات تنفيذية، المجموعة الأولى تتولى أمر الإدارة الرئيسية للقناة بالإسماعيلية كان على رأسها المهندس محمود يونس وضمت كل من عزت عادل وعبد الحميد أبو بكر وسعيد الرفاعي وفؤاد الطودي ومشهورأحمد مشهور وإبراهيم زكي ونبيه يونس وحسن إسماعيل ومحمد حسان وأحمد فؤاد عيد الحميد وقاسم سلطان ومصطفى نيازي وعبدالله شديد.

فيما اتجهت المجموعة الثانية إلى محافظة بورسعيد وكان على رأسها توفيق الديب وضمت كل من شوقي خلاف ويوسف محمد يوسف وحسني مسعود وحسن جلال حمدي وعصام العسلي وعبد السلام بهلول وعبد الحميد بهجت.

واتجهت المجموعة الأخيرة إلى السويس وكان على رأسها الشافعي عبد الهادي وضمت محمد الزفتاوي وجلال ثابت وحسام هاشم وعمرعزت وعباس أبو العز وسيد خليفة ومحمد بهجت، وذلك بخلاف المجموعة التي تركت في القاهرة لتأميم مكتب الشركة في القاهرة ومحطات الإرشاد المنتشرة على طول القناة وعددها 11 محطة تولى تأميمها سلاح الإشارة بالقوات المسلحة.

«ديليسيبس» تكرر 17 مرة في خطاب الرئيس

وفي الساعة الثامنة والنصف مساءً كان الجميع على أهبة الاستعداد يستمعون بإنصات إلى خطاب الرئيس عبد الناصر وينتظرون كلمة السر "ديليسبس" للتحرك إلى مواقعهم، وهى الكلمة التي تكررت في خطاب الرئيس الراحل سبع عشرة مرة خوفًا من أن عدم انتباه فريق عملية التأميم وأن تفلت منهم كلمة السر، وقبل الساعة العاشرة والربع مساءً كانت جميع المقار الرئيسية للهيئة تحت سيطرة فريق التأميم الذي زف الخبر إلى المهندس محمود يونس عبر هواتف الشركة الداخلية إيذانًا بنجاح عملية تأميم القناة.

تم نسخ الرابط