الأحد 07 يوليو 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

تتساقط ضحايا التحرش الجنسي واحدة تلو الأخرى، فكم من طفلة دنست براءتها بأيدٍ ملوثة بأفكار شهوانية خبيثة، ما ذنب ذلك الوجه الملائكي والعينين البريئتين، لكي تتعرض لتلك الوحشية وهي في مقتبل عمرها، لكي يُحفر في ذهنها نظرات ذئب متوحش، وشرارة عينيه تأكل جسدها الصغير بكل ضمير منعدم، بدلًا من أن يمتلئ ذهنها بذكرياتها الجميلة وهي تلعب وتلهو مع الصغار في الطرقات؟

 

تتوالى جرائم التحرش بالأطفال وتزداد يومًا بعد يوم، فبالله ما اللافت في ذلك الجسد الصغير؟ 

 

يوجد العديد من الصغار الذين قتلت طفولتهم بدم بارد على أيدي أقرب الناس لهم، وربما لم يسمع عن ألمهم أحد، خوفًا من العار أو من الأهل، وربما خوفًا من المعتدي عليهم، ما يضطر الضحية إلى كتم كل هذا الألم في قلبها الصغير، فهو يطاردها حتى في منامها، فبدلا من أن تحلم كأي طفلة بعلبة جديدة مثلًا، أو ترى نفسها وهي تمرح داخل بستان مليء بالورد والياسمين، وشعرها المتطاير خلفها، وهي تملأ المكان بنسمات ضحكاتها المتناغمة بنغم البراءة والحب، تستيقظ كل يوم على ذلك الكابوس الذي لم يفارق منامها طوال الدهر.

 

 

 

ربما يمحو الزمن أي أزمة نمر بها، ربما نتعافى من أي ألم مهما كان حجمه، حتى الفقد والموت نتعافى منه، ولكن التعرض لتلك الواقعة الأليمة من المحتمل ألا تتعافى الضحية منها قط، فكلما كبرت تكبر معها، وكلما نظرت في وجه أي رجل اشمأزت منه، بالإضافة إلى شعورها بالخوف وعدم الأمان، فتفضل أن تنطوي على نفسها، باعتبار ذلك طوق النجاة الذي يحميها من المجتمع الذي تعيش فيه.

 

 

تطور الطب النفسي وأجريت دراسات وأبحاث كثيرة حول هذه القضية، وأطباء النفس توصلوا لطرق عديدة للتخلص من الآثار النفسية لتلك الجريمة، منها العلاج الحركي والعلاج السلوكي ومحاولة تقبل الذات وعدم لومها على ما حدث، وغيرها من الطرق الحديثة، وكل هذه جهود ترفع لها قبعة التقدير والاحترام، لكن هل تتعافى الضحية بشكل كامل؟

 

من منظوري الشخصي، أن التعافي لا يتم بشكل كامل، ربما إذا مارست الضحية كل طرق العلاج فتتعافى بشكل جزئي، فتمارس حياتها بشكل طبيعي، تحاول أن تتقبل ذاتها، وتنغمس في المجتمع وتختلط بالناس، كل هذه الأمور لا يوجد فيها اختلاف، ولكن ماذا إذا رأت المتحرش بالصدفة مثلًا، ماذا يكون شعورها في تلك اللحظة؟ الأمر لا يبدو بهذه السهولة، فقبل أن نبحث عن طرق العلاج لا بد أن نجيد فن الوقاية.

 

 

 

على الأسرة، والأم بوجه الخصوص، أن تبذل قصارى جهدها لكيلا تتعرض طفلتها لتلك الواقعة، عليها أن توعيها وترافقها وتعطيها الأمان، أن تعرفها طبيعة جسدها دون خجل، وضروري أن تدربها على الرفض إذا كانت لا تحب أن تفعل شيئا ما، لا يجب منع الطفل أن يعترض ولا نهاجمه بكلمات لا صحة لها مثل: لا يجب أن تقول للذي أكبر منك "لا"، هذا خطأ وهذا صحيح، دعوا الطفل وشأنه دعوه يعبر عن مشاعره وامنحوه حق الرفض، رافقوا أولادكم بدلًا من أن تقيموا عليهم الحد.

 

 

وعلى الدولة أيضًا وجميع المؤسسات المسؤولة أن تسعى جاهدة في إيجاد الحلول لتلك القضية، لا بد من وضع قوانين صارمة لإيقاف تلك المهازل، لا بد أن يعاقب كل مجرم يحاول فقط أن ينظر نظرة خبيثة إلى أي طفلة أو امرأة، نريد فقط أن تعيش أطفالنا بسلام.

تم نسخ الرابط