الأحد 07 يوليو 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

تناقضات المجلس العسكري بالنيجر تفتح باب التخمينات.. لماذا تراجعت نيامي عن طرد السفراء؟

بالمصري

يبدو أن مستوى الصراع بين النيجر والغرب على رأسهم فرنسا، تحوّل لنوع جديد من المضايقات، حيث طالب المجلس العسكري في وقت ما، طرد السفير الفرنسي لدى بلاده، ليتراجع مجددًا نافيًا كل تلك الأنباء التي كان مصدرها وكالة الأنباء الفرنسية. 

الصراع بين النيجر والغرب

الوكالة التي بثت النبأ بشكل حصري، مشيرة إلى أن قادة الانقلاب في النيجر طالبوا سفراء كل من فرنسا وأمريكا وألمانيا بضرورة مغادرة البلاد، عادت لتقول إنها اضطرّت إلى إلغاء ثلاثة تنبيهات وعواجل من النيجر حول دعوة سفراء دول غربية إلى مغادرة البلد.

وأوضحت أن الإلغاء يأتي بعد أن تبين أنها "استندت إلى وثيقة مزيفة"، مؤكدة في الآن نفسه أن "المجلس العسكري الحاكم أكد في وقت سابق صحّة هذه الوثيقة قبل أن يتراجع عن ذلك".

 

بداية الأزمة

في البداية نشرت الوكالة تنويهًا، قالت فيه إن حكومة النيجر أمهلت سفراء دول غربية وإفريقية 48 ساعة لمغادرة البلاد، ثم أوضحت أن السفير الفرنسي على رأس تلك القائمة.

وبحسب الوكالة، فإن وزارة الخارجية بحكومة المجلس العسكري، سحبت موافقتها على اعتماد السفير سيلفان إيت، وطلبت منه مغادرة أراضي النيجر خلال مهلة 48 ساعة. 

طرد السفير الفرنسي، جاء بعد رفضه الاستجابة لحضور اجتماع مع وزير الخارجية النيجيري، إلى جانب رفض المجلس لبعض التصرفات التي تمارسها باريس ضده حاليًا. 

لكن المجلس العسكري بالنيجر، سرعان ماعاد مجددًا ونفى تلك الأنباء كافة، بالرغم من تأكيد الوكالة بأنها اطلعت على الوثيقة الرسمية والتي شملت أسماء سفراء غربيين آخرين وهم سفيرا أمريكا وألمانيا. 

وآكدت الوكالة، أن أوامر الطرد شملت أيضًا سفراء دول إفريقية في"إيكواس"، وهي نيجيريا وكوت ديفوار، للأسباب ذاتها المتعلقة بطرد السفير الفرنسي. 

 

عداء قديم

وفي تفسير أسباب ذلك التردد، الذي يسيطر على قرارات وبيانات المجلس العسكري بالنيجر، فسنجد أن الأمر يُخفي خلفه عداء قديم معلوم لدى الجميع، فمنذ توليه السلطة في النيجر لم يتأخر المجلس عن إظهار أزمته مع فرنسا، متهمًا إياها باختراق قوانين بلاده والتعدي على سيادتها. 

كما وجه المجلس، تحذيرات شديدة اللهجة لباريس، إلى جانب مظاهرات واسعة نظمها مؤيدو الانقلاب بالعاصمة نيامي، رفعت شعارات مناهضة لفرنسا وتدعو لطرد جنودها من أراضي النيجر.

 

التراجع عن قرارات طرد السفراء

إلى هنا تبقى علامات كره الانقلابيين لفرنسا واضحة، لكن السؤال الأهم لماذا تراجعت عن وثيقة طرد سفرائها واختارت الوكالة الفرنسية منبرًا لنشر ذلك القرار. 

هنالك حالة من الضبابية تسيطر على قرارات قادة المجلس العسكري في النيجر، خصوصًا بعد تصعيد لهجة "إيكواس" وبعض الدول الغربية ضده. 

وبالرغم من وجود بعض الأراء التي ترجح أن تلاعبا حدث بالفعل من جانب المجلس العسكري، استهدف الوكالة الفرنسية، بغرض ضرب مصداقية أخبارها حول النيجر، فإن أراء أخرى ترجح وجود أبعادًا أكثر قوة من ذلك، بحسب الوكالة الفرنسية. 

يرى مراقبون، أن المجلس العسكري حاول تمرير رسائل مبطن للدول المستهدفة، بعدم التدخل في ملف النيجر وإبقاء صراع النفوذ فيه وفي منطقة الساحل بعيد.

 

رسالة لـ "إيكواس" 

اعتقد مراقبون، أن الوثيقة كانت تحمل رسائل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، والتي تلوح بالتدخل العسكري في النيجر حال لم يقبل الجيش بإعادة الحكم للرئيس المخلوع محمد بازوم.

قدم مرجحو تلك النظرية أدلة على ذلك، مفادها أن من بين السفراء الذي قالت وكالة "فرانس برس" إن المجلس أمهلهم لمغادرة النيجر، سفيرا نيجيريا الذي تتقلد الرئاسة الدورية لإيكواس، وكوت ديفوار، رأس حربة العملية المحتملة ضد نيامي.

وبعد فشل كل وسائل الحوار وبالتالي الحلول الدبلوماسية، لم يُعد هناك بُد من صدام عسكري محتمل بين قادة الانقلاب و"إيكواس"، خصوصًا عقب الاتفاق ثلاثي الجانب بين كل من النيجر، مالي وبوركينا فاسو. 

حيث قالت النيجر، في بيان، إنها سمحت للقوات المسلحة في باماكو وواغادوغو بالتدخل على أراضيها في حالة وقوع هجوم، وهو ما يؤكد احتمال أن يكون قرار طرد السفراء ثم التراجع عنه، مجرد مناورة لتلبيغ رسائل مشفرة، بحسب ما أوردته "العين الإخبارية".

 

عدم توازن القوى

يعتقد خبراء ومراقبون للأحداث الجارية في النيجر، أن تحالف نيامي مع كلا من بوركينا فاسو ومالي، ضد دول "إيكواس" ، غير متوازن من حيث القوى والتجهيزات والضمانات الدولية، وهو الأمر الذي تدركه النيجر جيدًا، والتي لا تمتلك من أوراق ضغط سوى احتجاز ها بازوم وعائلته. 

ما يُرجح احتمالات الخسارة بشكل كبير لمثلت النيجر ومالي وبوركينا فاسو، خصوصًا أن المعسكر المضاد يضم أحد أقوى جيوش إفريقيا وهو الجيش النيجيري.

وبالتالي، قد تكون حسابات الربح والخسارة فرضت على جيش النيجر تراجعًا تكتيكيًا يمر وجوبًا عبر خلق نوع من التضارب في مصدر خبر قدمه بنفسه للوكالة الفرنسية وأكد صحته ثم تراجع.

كما يرجح متابعون، وجود تطورات في الغرف المغلقة وترتيبات أو مفاوضات غير معلنة أو حتى تدخلات أو ووساطات قادت جميعها نحو التراجع عن قرارات كانت ستكون بمثابة إعلان حرب دبلوماسية وعسكرية، ناهيك عن إعلان أمريكا عدم تلقي سفيرتها لأي رسائل أو إخطارات بالطرد مغادرة البلاد من قبل النيجر، بحسب الوكالة. 

تم نسخ الرابط