الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

اكتشاف جديد لـ"حيتان منقرضة" منذ 41 مليون سنة

اكتشاف حيتان منقرضة
اكتشاف حيتان منقرضة

 اكتشف الفريق البحثي في جامعة المنصورة نوعا جديدا من حيتان منقرضة قدمت إلى مصر قبل حوالي 41 مليون سنة. 

 

اكتشاف نوع جديد من الحيتان 

أوضح الدكتور شريف خاطر رئيس جامعة المنصورة أن ذلك الحوت يعتبر أصغر وأقدم الحيتان المائية التي تطورت من أسلاف برمائية، منوهاً على أن الفريق البحثي وثق الاكتشافات في ورقة بحثية، نُشُرَت يوم الخميس 10 أغسطس 2023 في دورية Cummunicatins Biology الصادرة عن مؤسسة Nature العالمية ، وهى إحدى الدوريات العلمية المشهورة في العالم، مؤكدًا على ذلك البحث يمثل طفرة علمية لعلماء الحفريات المصريين، باعتباره الدراسة الثانية التي يقدمها فريق مصري لنوع جديد من الحيتان، بعد أن ظل ذلك العلم مقتصراً على الدول المتقدمة لمدة كم الزمن، على الرغم من ثراء التراث الطبيعي المصري بحفريات مهمة لأسلاف الحيتان.

اكتشاف نوع حيتان جديد

الحوت الجديد أول نوع عاش بالماء

ومن جانبه صرح الدكتور هشام سلام، رئيس الفريق البحثي ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وأستاذ الحفريات بجامعة المنصورة والجامعة الأمريكية بالقاهرة، بأن ذلك الحوت ينتمي إلى عائلة حيتان الباسيلوصوريات، وهى نوع من الحيتان المنقرضة التي تعتبر من أول الحيتان التي عاشت بالماء، بعد انتقال أسلافها من اليابسة إلى الماء، مضيفاً أنه على الرغم من أنها حيتان إلا أن بها خصائص تشبه الأسماك، مثل تحول الطرف الأمامي إلى زعانف واستطالة الفقرات ونمو زعنفة الذيل، كما أن لها أرجل في الخلف لكن لم تستخدمها في المشي لصغر حجمها.

الحوت الجديد منقرض منذ 41 مليون سنة

فيما لفت دكتور محمد سامح، المؤلف الرئيسي للدراسة وعضو مجلس إدارة مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وخبير إدارة التراث الطبيعي باليونسكو، إلى أنه تم اكتشاف حفريات الحوت الجديد في صخور عصر الإيوسين من متكون وادي الريان الجيولوجي بمنخفض الفيوم، وتتكون تلك الحفريات من جمجمة وفكين وأسنان والفقرة العنقية الأولى وأجزاء من العظم اللامي (العظم الواقع عند قاعدة اللسان)، موضحاً أن عُمر تلك الطبقات من الحيتان تُقدر بحوالي 41 مليون عام، مما يساعد في استكمال صورة تطور الحيتان الأولى في إفريقيا في هذا العمر.

الدلافين أحفاد الحوت المكتشف حديثاً

وتابع دكتور سامح أنه بعد دراسة أبعاد العظام المتحفرة وإجراء المعادلات الحسابية لاستنتاج طول الحوت ووزنه، اتضح أن الحوت الجديد كان يبلغ طوله نحو 2.5 متر، بينما يصل وزنه إلى ما يقرب 187 كجم، لذلك يكون الأصغر حجمًا بين كل أفراد عائلته من شتى أنحاء العالم، كما أن الحوت كان قادرًا على السباحة بكفاءة عالية، وكذا الغوص لأعماق بعيدة بما يشبه أحفاده من الدلافين اليوم، مما يقدم لنا فهمًا غير مسبوق لتاريخ الحياة والتطور والجغرافيا القديمة للحيتان الأولى.

تسمية الحوت المكتشف على اسم الملك "توت عنخ آمون"

وبين عبدالله جوهر، عضو الفريق العلمي "سلام لاب" بمركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية ومؤلف أساسي في كتابة الورقة البحثية، أنه تم تسمية هذا الحوت الجديد "توتسيتس" على شرف الملك المصري الشهير "توت عنخ آمون"، ليس فقط لنقاط التشابه بينهما، إذ مات الحوت صغيراً مثل الملك توت، وكان ملكًا للبحار القديمة في وقته، بل أيضًا لإضفاء الطابع المصري القديم على هذا الاسم العلمي، إضافة إلى إحياء ذكرى اكتشاف مقبرة الملك الصغير قبل قرن من الزمان، وتزامنًا مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير بالجيزة، لافتًا إلى أنه تم تسمية النوع "رياننسيس"، على شرف متكون وادي الريان الصخري بمنخفض الفيوم، التي اكتشفت حفرياته منها، ليكون الاسم كاملًا (توتسيتس رياننسيس) .“Tutcetus rayanensis"

بحر “ تيثيس” 

واستطرد " جوهر " أن الحوت الملك عاش حينما كان قطاع كبير من الأراضي المصرية مغطى ببحر شاسع يعرف بـ "بحر تيثيس"، حيث عاشت حيوانات بحرية قديمة من بينها أسلاف الحيتان التي تعيش اليوم، وتبين من الدراسة التشريحية المفصلة لحفريات توتسيتس رياننسيس أنه يختلف تمامًا عن كل أقرانه من الحيتان المعروفة من قبل، إذ أنه يمتلك نمطًا فريدًا من الأسنان، مكّنه من اكتشاف موائل مختلفة، كما أن الفحص الدقيق لأسنان الحوت الجديد بالأشعة المقطعية فتح آفاقًا جديدة وفهمًا غير مسبوق لنمط حياة " توتسيتس" بشكل خاص وأقرانه من أسلاف الحيتان المنقرضة بشكل عام.

وتؤكد الدراسة أن هناك نموا سريعا ملحوظا للأسنان في هذا الحوت، على الرغم من حجمه الصغير، وهذا النمط المتسارع من الحياة يدل على احتمالية إنجاب تلك الحيتان لجنين واحد سنويًا، مع القدرة على إنتاج الجنين الثاني بسرعة أكبر عند الحاجة إلى ذلك، كما أن ذلك قد يكون سببًا في نجاح عائلة حيتان الباسيلوصوريات في تكيفها الكامل للمعيشة في الماء، وقدرتها على التفوق على أسلافها من الحيتان البرمائية، بل وقدرتها على التكيف بشكل استثنائي مع الموائل المائية الجديدة بعد قطع علاقاتها باليابسة، ومن المحتمل أن يكون هذا الانتقال الكامل للماء قد حدث في المناطق المدارية وشبه المدارية، وتحديدًا مصر.

وفي سياق متصل، نوهت دكتور سناء السيد، عضو الفريق العلمي "سلام لاب" والمدرس المساعد بجامعة المنصورة والمبعوثة لجامعة متشيجان الأمريكية إلى أن صغر حجم هذا الحوت تم تفسيره بأنه ربما كان مرتبطًا بطريقة أو بأخرى بالاحتباس الحراري الذي شهدته الأرض في ذلك الوقت والذي يعرف بـ"الحد الحراري الأقصى لعصر اللوتيتي المتأخر"، أو أن حوت "توتسيتس" ربما توارث تلك الصفة من أقرانه القدامى والأقل تطورًا، مضيفة أن الحيتان تهاجر اليوم إلى المياه الحارة لكي تتكاثر وتتوالد في ظروف كتلك التي عاشتها مصر قبل 41 مليون سنة، ما يثبت أن منطقة الفيوم كانت إحدى أهم مناطق توالد وتكاثر الحيتان القديمة، وربما هاجرت إليها الحيتان القديمة من أماكن مختلفة، الأمر الذي بدوره جذب الحيتان المفترسة والأكبر في الحجم مثل باسيلوصورس، مؤكدة أن الحوت الجديد (توتسيتس رياننسيس) يساهم في إثراء المعرفة العالمية بأسلاف الحيتان القديمة وتوضيح أهمية الحفريات المصرية في فهم السجل التطوري لهذه المخلوقات الفريدة.

وزير التعليم العالي يدعم المشروعات البحثية الجديدة

حدير بالذكر أن وزير التعليم العالي هنأ الفريق البحثي على ذلك الاكتشاف، مشيداً بمستوى البحث العلمي في الجامعات المصرية على المجالات المختلفة كافة، موجهاً الدعم اللازم لجميع المشروعات المختلفة التي تخدم مجالات التنمية في مصر.

تم نسخ الرابط