هل يجوز إعطاء الزكاة كهدية.. نقاش مُفصّل وشامل
تُعدّ الزكاة ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام، وهي حق واجب على كلّ مسلم مُقتدر، تُخرج للمساكين والفقراء والمحتاجين. ونظرًا لأهميتها العظيمة، فقد اهتمّ المسلمون بفهم أحكامها وضوابطها، ومن بين تلك الأحكام: جواز إعطاء الزكاة كهدية أم لا؟
يُثير موضوع إعطاء الزكاة كهدية نقاشًا فقهيًا بين العلماء، حيث اتّجه جمهور الفقهاء إلى عدم جواز ذلك، بينما أجازته بعض المذاهب في حالات محددة.
أوجه عدم جواز إعطاء الزكاة كهدية
النية: تُعدّ النية ركنًا أساسيًا في العبادات، ومنها الزكاة. فإعطاء الزكاة كهدية قد يُفقدها جوهرها وروحها، حيث قد ينوي المُعطي إسعاد المُتحفّى أو مداهنته، لا أداءً للواجب الشرعي.
الشروط: تُشترط في مستحقيّ الزكاة شروط محددة، مثل الفقر والحاجة. وقد لا تُتوفّر هذه الشروط في كلّ من يُعطى هدية.
التصرف: تهدف الزكاة إلى سدّ حاجة الفقراء والمحتاجين، بينما قد لا يُستخدم المال المُعطى كهدية بالضرورة في هذا المجال.
العلانية: تُعدّ الزكاة عبادةً اجتماعيةً، ويُستحبّ إخراجها علنًا ليكون فيها قدوة للآخرين. بينما تُفقد إعطاء الزكاة كهدية صفتها الاجتماعية.
أوجه جواز إعطاء الزكاة كهدية في بعض الحالات:
الحياء: إذا كان الفقير مُتحيّرًا من طلب الزكاة خجلاً، فيجوز إعطاؤه إياها كهدية مع النية الصحيحة.
المصلحة: إذا كان في إعطاء الزكاة كهدية مصلحة تعود على الفقير، مثل إصلاح ذات بينه وبين الناس، أو تسهيل أمر زواجه، فيجوز ذلك.
عدم المعرفة: إذا لم يكن المُعطي على علم بحال الفقير، فظنّه غنيًا، ثمّ تبين فقره، فيجوز اعتبار ما أعطاه له من قبيل الزكاة.
يُنصح بإخراج الزكاة بالطرق المُتّبعة، تجنّبًا للشبهات والالتباسات. أمّا إعطاء الزكاة كهدية، فيجوز في بعض الحالات الضيّقة مع مراعاة الشروط والضوابط الشرعية، مع التأكيد على أهمية النية الصالحة في جميع الأحوال.
تنويه يهمك
- يجب على المسلم أن يُحرص على استشارة أهل العلم المُوثوقين في مثل هذه المسائل الدقيقة، وذلك لضمان سلامة تصرّفه وأداء واجبه على الوجه الصحيح.
- تُعدّ هذه المسألة اجتهاديةً، وقد اختلف فيها العلماء، ممّا يُبيّن سعة الإسلام ورحمته، ويُتيح للمسلم اختيار الرأي المُناسب لحالته وظروفه.
رأي دا رالافتاء المصرية حول إعطاء الزكاة كهدية
أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال حول حكم إعطاء الزكاة كهدية، وأوضحت أنّه لا يجوز إعطاء الزكاة كهدية، وذلك لعدة أسباب:
- الزكاة عبادة مالية لها شروط وأحكام محددة يجب مراعاتها عند إخراجها، ومن أهم هذه الشروط أن تُعطى للمستحقين من مصارف الزكاة الثمانية، وهم: الفقراء، والمساكين، والغارمين، وابن السبيل، والرقاب، والمؤلفة قلوبهم، وفي سبيل الله، والعاملين عليها.
- إعطاء الزكاة كهدية قد يُخرجها عن مصارفها الشرعية، فمن الممكن أن تُعطى لشخص ليس من المستحقين للزكاة، أو أن تُعطى بطريقة لا تُحقق مقاصد الزكاة من التكافل الاجتماعي والقضاء على الفقر.
- قد يُشعر إعطاء الزكاة كهدية المُعطي بالمنّة على المُعطى، وهذا يُنافي روح التواضع والإخلاص التي يجب أن تُبنى عليها عبادة الزكاة.
وبدلاً من إعطاء الزكاة كهدية، يُنصح بتوزيعها على المستحقين بطريقة مباشرة أو من خلال المؤسسات الخيرية الموثوقة، مع الحرص على التأكد من وصولها إلى مستحقيها وأن تُستخدم في تحقيق مقاصد الزكاة.
وأكدت دار الإفتاء المصرية على أهمية استشارة أهل العلم الشرع في مثل هذه الأمور، لضمان اتباع الأحكام الشرعية بدقة وصحة.