النفط الليبي.. مليارات الشعب المنهوبة تضع الدبيبة وحماد في مواجهة حقيقية
ليبيا الدولة التي مزقتها الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، مازالت تصارع للحفاظ على موردها الأهم وربما الأوحد، ألا وهو النفط الليبي. فعقب سلسلة من فرض السيطرة على الحقول النفطية، تعلن الدولة الإفريقية تراجع إيراداتها النفطية، وسط تلويحات من حكومة حماد المكلفة من قِبل البرلمان الليبي، بإيقاف تصدير النفط والغاز.
الخميس الماضي، أصدر البنك المركزي الليبي، بيانه النصف سنوي، معلنًا فيه تراجع إجمالي إيرادات ليبيا من النفط، إلى 33.4 مليار دينار "6.95 مليار دولار" في النصف الأول من 2023، انخفاضًا من 37.3 مليار دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي وقت سابق، طالبت مؤسسات دولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، الجهات الفاعلة في ليبيا، بضرورة وضع حد لعملية الإغلاقات النفطية والقوة القاهرة، التي ستؤدي بدورها إلى انهيار المورد الرئيسي للدولة الأغنى إفريقيا، كما طالبت المنظمة الأممية بضرورة وضع آلية لتوزيع العائدات النفطية.
إلا أن الانقسام بين الشرق والغرب الذي تعيشه البلاد، منذ عزل الرئيس الراحل معمر القذافي، حوّل النفط لورقة ضغط، تستخدمها الجهات الفاعلة لفرض رؤيتها.
وبعد رفض عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية "المنتهية ولايتها"، من تسليم مقاليد الحكم لحكومة فتحي باشاغا ومن بعدها حكومة أسامة حماد، المرشحتين من قِبل مجلس النواب، زادت حدة الصراع والانقسامات في الدولة، ما دفع حماد لتهديد المجتمع الدولي بإيقاف تصدير النفط والغاز، حال استمرار دعمه للدبيبة.
إيقاف صادرات النفط الليبي والغاز:
في 24 يونيو الماضي، هدد حماد، بوقف صادرات النفط الليبي والغاز من المناطق الخاضعة لسيطرتها، متهمًا حكومة الدبيبة بإهدار مليارات الدولارات من عائدات النفط دون تقديم خدمات حقيقية، بحسب رويترز.
أعلن رئيس الحكومة المُكلفة من قِبل البرلمان الليبي في الشرق، أنه اتخذ في خطوة أولى قرارًا بـ"الحجز الإداري" على عائدات نفط من عام 2022، والتي تزيد عن 130 مليار دينار، حوالي 27 مليار دولار.
وقال حماد، إن حكومته ستلجأ لمزيد من التصعيد بما في ذلك منع تدفق الغاز والنفط ووقف تصديرهما، باللجوء للقضاء واستصدار أمر بإعلان القوة القاهرة.
وفي تحليل لما قد تؤول إليه الأمور لاحقًا، حذر الباحث والمحلل السياسي والاقتصادي، أحمد المهدوي، في تصريحات لقناة "الحرة" الأمريكية، من أن الأمور قد تتجه إلى التصعيد في حال عدم اتفاق الحكومتين بالشرق والغرب على التقسيم العادل لإيرادات النفط.
آلية توزيع العائدات النفطية:
شكوى أسامة حماد، من عدم التوزيع العادل لعائدات النفط، دفعت المشير خليفة حفتر، إلى منح حكومة الشرق، مهلة زمنية حتى أغسطس المقبل، لوضع آلية للتوزيع العادل للثروة النفطية.
قال حفتر: "تلقينا مئات المذكرات من أبناء الشعب الليبي يطالبون بتشكيل لجنة عليا للترتيبات المالية، قادرة على إدارة المال العام بطريقة عادلة"، مؤكدًا أنه سيمنح مهلة لإنجاز اللجنة أعمالها نهاية أغسطس المقبل".
حذر المشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، من أنه في حال تعذر انطلاق عمل اللجنة، فإن الليبيين سيكونون في "الموعد للمطالبة بحقوقهم المشروعة من ثروات النفط"، وأن "القوات المسلحة ستكون على أهبة الاستعداد للقيام بالمهام المنوطة بها في الوقت المحدد"، في إشارة لتدخل محتمل لقواته في توزيع الثروة النفطية.
الرئاسي يتحرك لإنقاذ الموقف:
وفي محاولة لإنقاذ الموقف، قبل أن تعود الأمور للخروج عن السيطرة مجددًا في ليبيا، أعلن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، عن إنشاء لجنة عليا للرقابة المالية لمعالجة القضايا الأساسية المتعلقة بالشفافية في إنفاق الأموال العامة والتوزيع العادل للموارد.
وتشمل مهام اللجنة، إقرار أوجه الانفاق العام للدولة، وأبواب الصرف وفقًا لمبدأ الرشد المالي والتوزيع العادل، ومتابعة الإيرادات العامة للدولة للتحقق من سلامة وكفاءة تحصيلها وفقًا للنظم المعمول بها.
والجدير بالذكر، أن عائدات النفط في ليبيا، تُدار من قِبل المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي ومقرهما العاصمة طرابلس، أي مناطق سيطرة حكومة عبدالحميد الدبيبة "المنتهية ولايتها".
ومن جانبها، رحبت الأمم المتحدة، اليوم السبت، بإرساء المجلس الرئاسي الليبي آلية لتوزيع العائدات النفطية، التي طالما شكّلت موضع خلاف بين الأطراف المتخاصمة في غرب البلاد وشرقها.
كان مصرف ليبيا المركزي، قد أعلن، أن الإيرادات النفطية ارتفعت إلى 105.5 مليار دينار ليبي "22.01 مليار دولار" في عام 2022 من 103.4 مليار دينار في عام 2021.