الدبلوماسية المصرية العريقة عاودت تألقها المعهود وريادتها وتأثيرها وفاعليتها، ونجحت في تحقيق التوازن والاستقلالية والحياد وعدم الانحياز باحترافية كبيرة، على الرغم من الظرف العالمي البالغ الصعوبة والتعقيد وبالرغم أيضًا مما تعرضت له مصر من مخاطر خارجية وداخلية وتحديات في حربها ضد الإرهاب، وفي خضم تحديات دولية وإقليمية وحروب أهلية تشهدها عدة دول عربية وجارة لمصر لأسباب لا تخفى على أحد، وواضحة جاءت نتيجة مباشرة للمؤامرة الكبرى لتدمير الدول الوطنية وتفجيرها من الداخل وآخرها كانت السودان ومن قبلها كانت ليبيا وسوريا واليمن وأزمات كونية مثل أزمة وباء الكورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من أزمات مالية عالمية وتضخم.
وهنا يجب ألا ننسى الإشادة بدور السفير سامح شكري وزير الخارجية والمشهود له بالوطنية والمهارة والتمكن من أدوات الدبلوماسية المصرية العريقة والرائدة في العالم والإقليم – منذ كان سفيرًا لمصر في العاصمة الأمريكية واشنطن في الفترة من 2008 وحتى عام 2012، وكنت وقتها مديرًا لتحرير برنامج "الحياة اليوم" على قناة "الحياة" المصرية، وكنت أيضًا مسئول ملف العلاقات الخارجية، وكان «الحياة اليوم» - ولا يزال - دفتر أحوال لمصر داخليًا وخارجيًا ويٌمثل مدرسة كبيرة في مجال "التوك شو" بمصر والعالم العربي، وكان لي شرف أن أكون واحدًا من فريق تأسيسه وإطلاقه، مع نخبة من أساتذة الإعلام المصري والعربي وقتها وحتى الآن.
المهم أنني قمت وقتها بترتيب عدد من اللقاءات مع السفير سامح شكري من واشنطن عبر الأقمار الصناعية مع المذيع اللامع والنابه والمحترم شريف عامر، وكانت لقاءات ممتازة وقوية مع سفير من الطراز الرفيع رغم صعوبة الظرف في أعقاب ثورة يناير 2011.
ومن المفارقات الطريفة أن الوزير سامح شكري يوم تكليفه بمنصب وزير خارجية مصر كان من المفترض ظهوره ضيفًا معنا في "الحياة اليوم".. يصدق عليه وصف أسد الخارجية المصرية؛ فقد نجح في إدارة ملف العلاقات الخارجية لمصر باقتدار في فترة من أخطر المراحل التي مرت على مصر.. وعادت مصر لقيادة الإقليم ولدورها ومكانتها الدولية المرموقة.
ومن نجوم الخارجية المصرية أيضًا هنا في الولايات المتحدة الأمريكية السفير الدكتور سامح أبوالعينين قُنصل مصر العام في شيكاغو وولايات وسط الغرب الأمريكي.. الذي يعتبر صورة مشرفة ومشرقة للدبلوماسية المصرية القادرة على رعاية أبناء مصر في المهجر، وفي الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها أحد أهم روافد القوى الناعمة المصرية.. السفير سامح أبو العينين اعتاد على التفاعل والتواصل والقرب مع أبناء الجالية المصرية ووصلتني رسالة من أحد أبناءها يٌشيد فيها بالسفير سامح أبو العينين جاء فيها: (لأول مرة منذ أن وطأت قدماي الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980 نتلقى دعوة كريمة للاحتفالات باليوم الوطني لبلادنا الغالية مصر الحبيبة - رغم العلاقات الطيبة مع قنصليتنا وقناصلنا السفراء المخلصين - إنها لمبادرة طيبة من سعادة السفير الدكتور سامح أبو العينين والعاملين معه وفرصة جميلة للحفاظ على الحس الوطني والانتماء المخلص لمصرنا التي فيها ولدنا وفيها ترعرعنا وفيها تعلمنا وفيها تزوجنا وفيها تأهلنا للانطلاق في بلاد الله الواسعة لنشق طريقنا لعمل شريف ومرحلة جديدة كان تأهلنا لها من مصر.
ومهما بعدت المسافات بيننا وبين أرض الوطن فلن نكون إلا أبناء مخلصين لمصرنا الغالية مهد الحضارة وراعية الإيمان ورمز التعايش بين مختلف الأديان في سلام ومحبة ووئام، وإن كانت الارتباطات المسبقة قد حالت بيننا وبين حضور هذا العرس الوطني، فإن محبتنا لبلادنا ودعاءنا لها ولأهلها لا يستطيع أحد أن يحول بيننا وبينه.. حفظ الله مصر وأهلها الطيبين وأدام عليها نعمة المحبة والأمان.
وللحديث بقية..