تنحوا عن الحكم.. رؤساء بين الفضائح والاحتجاجات الشعبية
يذخر التاريخ بالعديد من الرؤساء على مستوى العالم الذين تنحوا عن الحكم واضطروا للابتعاد عن السلطة سواء نزولا لإرادة الشعب على غرار ما فعله الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أو خوفًا من توجيه الاتهامات إليهم.
وبمناسبة مرور 49 عاما على تنحي الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون عن الحكم يرصد لكم " بالمصري " أبرز الرؤساء الذين تنحوا عن الحكم..
تنحوا عن الحكم.. ريتشارد نيكسون
ريتشارد نيكسون ولد في 9 يناير 1913 وهو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابع والثلاثين في الفترة من "1969–1974" ونائب الرئيس الأمريكي السادس والثلاثين اضطر للتنحي من منصبه عام 1974م، خوفا من أن توجه إليه تهمة التستر على نشاطات غير قانونية لأعضاء حزبه في فضيحة ووترجيت تحت وطأة تهديد الكونجرس بإدانته.
ففي 17 يونيو عام 1972 أُلقي القبض على خمسة أعضاء في لجنة إعادة انتخاب الرئيس بتهمة اقتحام المقر الرئيسي للحزب الديمقراطي الوطني في مبنى ووترجيت، في واشنطن.
وهؤلاء الخمسة هم بيرنارد بيكر، وجيمس ماكورد، ويوجينيو مارتينيز، وفرانك ستورجيس، وفيرجيليو جوانزالس وبعد عامين من التحقيق أعلن عن الجرائم، التي ارتكبت باسم نيكسون.
وفي يوليو عام 1974 وجهت لجنة العدالة القضائية برئاسة الديمقراطي بيتر رودينو ثلاث تهم للرئيس نيكسون وهي "إعاقة العدالة وإساءة استخدام سلطاته الرئاسية وعدم الامتثال للاستدعاءات القضائية".
وقد دافع محامي البيت الأبيض جون دين عن الرئيس مبررا أعماله بأنه قد يكون لا علم له بها، إلا أنه نصح بالتعتيم والتغطية عليها عند علمه بها، إلا أن وجود نظام التسجيل الصوتي في البيت الأبيض الذي وضعه الرئيس نيكسون بنفسه كان سببا رئيسيا في كشف أركان الجريمة.
ونتيجة لهذا الدليل، وشهادة الشهود، بات مؤكدا أن اتهاما رسميا سوف يوجه إلى الرئيس نيكسون من قبل مجلس النواب إذا ثبت الاتهام فإن لمجلس الشيوخ إذا وافق بأغلبية 60% من أعضائه أن يثبت هذا الاتهام ويعزل الرئيس من منصبه، وقبل أن تتطور القضية إلى هذا الحد استقال نيكسون من منصبه في 8 أغسطس عام 1974.
وقد تولى جيرالد فورد نائب نيكسون مسؤوليات الرئاسة، وفي 8 سبتمبر 1974 أصدر الرئيس فورد عفوا رئاسيا عن نيكسون شمل جميع الجرائم التي يعاقب عليها القانون الفيدرالي والتي قد يدان بها نيكسون لدى محاكمته.
وبعد الاستقالة عاد نيكسون إلى كاليفورنيا، ثم نيويورك حيث استقر بها حتى وفاته في 22 أبريل عام 1994 إثر إصابته بجلطة في المخ.
تنحوا عن الحكم.. الرئيس حسني مبارك
محمد حسني مبارك ولد في 4 مايو 1928 في كفر المصيلحة بمحافظة المنوفية، هو الرئيس الرابع لجمهورية مصر العربية في الفترة من 14 أكتوبر 1981 وحتى في 11 فبراير 2011 بتنحيه عن الحكم تحت ضغوط شعبية وتسليمه السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ففي عام 1975 اختاره الرئيس الجمهورية محمد أنور السادات نائبا له، وعقب اغتيال السادات عام 1981- على يد مجموعة مسلحة قادها خالد الإسلامبولي- تقلد رئاسة الجمهورية بعد استفتاء شعبي، وجدد فترة ولايته عبر استفتاءات في الأعوام 1987، 1993، و1999 وبرغم الانتقادات لشروط وآليات الترشح لانتخابات 2005، إلا أنها تعد أول انتخابات تعددية مباشرة جدد فيها مبارك حكمه للمرة الرابعة بعد فوزه فيها.
وبالرغم من توفيره الاستقرار، إلا أن حكمه كان قمعيا، فحالة الطوارئ التي لم ترفع تقريبا منذ 1967 كممت المعارضة السياسية وأصبحت أجهزة الأمن تعرف بوحشيتها وانتشر الفساد، وكل ذلك أدي إلى اندلاع ثورة 25 يناير في مختلف محافظات مصر مطالبة بالتغيير السياسي وحل المشكلات الاقتصادية، وإسقاط نظام الرئيس مبارك، الذي تولى السلطة منذ 30 عاما.
وفي 11 فبراير، أعلن نائب الرئيس عمر سليمان تنحي مبارك عن منصب الرئاسة وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد
وقد مثل مبارك في قفص الاتهام لأول مرة في 3 أغسطس 2011 في أكاديمية الشرطة ومعه نجلاه علاء وجمال ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومعاونيه، وقد تم الحكم عليه بالسجن المؤبد في جلسة 2 يونيو 2012، إلى أن قامت هيئة الدفاع عنه بالطعن على الحكم وقبلته المحكمة في 13 يناير 2013 ليتم نقله للعلاج في مستشفى المعادي للقوات المسلحة.
وقد حكمت محكمة الجنح بإخلاء سبيله بعد انقضاء فترة الحبس الاحتياطي في 21 أغسطس 2013، وفي 29 نوفمبر 2014 تمت تبرئته مع معاونيه في جميع القضايا المنسوبة إليه.
وفي 25 فبراير 2020 توفي مبارك عن عمر ناهز 91 عاما، وشيع في جنازة عسكرية بحضور رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وأعلن الحداد الرسمي لثلاثة أيام.
يحيى جامع
يحيى جامع أو يحيى جامي ولد في 25 مايو 1965 وهو الرئيس الثاني لجمهورية جامبيا من 22 يوليو 1994 حتى 19 يناير 2017 وانضم إلى الجيش الوطني الغامبي في عام 1984.
عين جامع ملازما ثانيا في عام 1989، وتمكن من الوصول إلى الحكم عن طريق انقلاب غير دموي في يوليو عام 1994، وانتخب بعدها بعامين رئيسا للجمهورية.
أعيد انتخاب يحيى جامع في 2006 و2011، إلا أن مرشح المعارضة الموحد آداما بارو هزمه في انتخابات 2016.
وفي عام 2015 أعلن جامع أن بلاده أصبحت جمهورية إسلامية قائلًا: "جامبيا.. في يدي الله، وابتداء من اليوم فإن جامبيا دولة إسلامية، وسنكون دولة إسلامية تحترم حقوق المواطنين".
وفي ديسمبر 2016 اعترف يحيي جامع بخسارته للانتخابات الرئاسية، إلا أنه تراجع عن اعترافه ورفض نتيجة الانتخابات التي قال إنها شهدت خروقات، وطالب بإعادتها
وقد طالبت الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، بمساندة من مجلس الأمن الدولي، يحيى جامع بالتخلي عن السلطة، مهددة بالتدخل العسكري.
وقبِل يحيي جامع التنحي عن السلطة بعد وساطة من الرئيسين الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والغيني ألفا كوندي، مؤكدا أنه تعرض لحملات كاذبة وأن تنحيه جاء حقنا للدماء ومنعا للتدخلات الخارجية، وتجنبا لنشوب حرب.
تنحوا عن الحكم.. زين العابدين بن علي
زين العابدين بن علي ولد في 3 سبتمبر 1936 وهو رئيس الجمهورية التونسية منذ 7 نوفمبر 1987 إلى 14 يناير 2011، وهو الرئيس الثاني لتونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 بعد الحبيب بورقيبة.
عين زين العابدين رئيسا للوزراء في أكتوبر 1987 ثم تولى الرئاسة بعدها بشهر في نوفمبر 1987 في انقلاب غير دموي حيث أعلن أن الرئيس بورقيبة عاجز عن تولي الرئاسة، وقد أعيد انتخابه وبأغلبية ساحقة في كل الانتخابات الرئاسية التي جرت، وآخرها كان في 25 أكتوبر 2009.
وقد تخلل حكم بن علي الجمهورية التونسية عديد الانتهاكات لحقوق الإنسان وقمع حرية التعبير وسجن المعارضين السياسيين، والقيام بتعذيبهم بالإضافة إلى انتشار الفساد واستشرائه في مفاصل الدولة، مع تمكين عائلته من مزايا تحكم في الاقتصاد التونسي..
وفي 17 ديسمبر عام 2010 قام الشاب محمد البوعزيزي بإحراق نفسه تعبيرا عن غضبه على بطالته ومصادرة عربته التي يبيع عليها ومن ثم قيام شرطية بصفعه أمام الملأ، مما أدى في اليوم التالي لاندلاع شرارة المظاهرات وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وانعدام التوازن الجهوي وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم.
وتحولت هذه المظاهرات إلى انتفاضة شعبية شملت عدة مدن في تونس وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، ومما زاد في تفاقمها وفاة الشاب محمد البوعزيزي في 4 يناير 2011 نتيجة الحروق، وقد أجبرت الانتفاضة الرئيس التونسي زين العابدين على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014.
لكن الانتفاضة الشعبية توسعت وازدادت شدتها حتى وصلت إلى المباني الحكومية مما أجبر الرئيس زين العابدين بن على على التنحي عن السلطة والهروب من البلاد خلسة، حيث توجه أولا إلى فرنسا التي رفضت استقباله خشية حدوث مظاهرات للتونسيين فيها، فلجأ إلى السعودية وذلك يوم الجمعة الموافق للـ 14 يناير 2011 م.
وفي 19 سبتمبر 2019 توفي زين العابدين بن على بأحدي مستشفيات مدينة جدة، في المملكة العربية السعودية بعد معاناة مع المرض.