الجمعة 22 نوفمبر 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

تعتبر الأسس الديمقراطية الإسرائيلية هشة بشكل نسبي، حيث لا يوجد لدى الاحتلال الإسرائيلي دستور ومن ثم تعتبر المحكمة العليا حصن الديمقراطية الذي يحمي الحقوق المدنية وسيادة القانون.

فبعد انتخابات حكومة الاحتلال الأخيرة في نوفمبر 2022، ونجاح نتنياهو بتشكيل تحالف من الأحزاب الأكثر تشددًا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، عبرت حكومته عن رغبتها في إحداث تعديلات على سلطات القضاء، وخاصة المحكمة العليا.

وأبرز هذه التعديلات:

١. "تقليص صلاحية المحكمة العليا في إسقاط القوانين التي ترى أنها غير قانونية".

٢. إلغاء حجة ما تعرف بـ"المعقولية"، إذ تُعطي هذه الحجة الصلاحية للمحكمة لإلغاء أي قرارات حكومية ترى أنها غير منطقية.

وما بين رفض المغتصبين في دولة الاحتلال وتأييد آخرين منهم أيضا والمظاهرات المؤيدة والاحتجاجات المعارضة وأيضا تأجيل اتخاذ القرار مرة بعد أخرى بسبب شدة الاحتجاجات المعارضة والتدخل الأمريكي في السادس والعشرون من مارس الماضي حيث دعت واشنطن -حينها- إلى إيجاد "تسوية"، بعد أن أعرب بايدن عن "مخاوف" إزاء مشروع تعديل النظام القضائي في إسرائيل. إلا إن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو استأنف حملة جديدة بعد ثلاثة أشهر فقط من ارجاء التعديلات القضائية من اجل تقليص بعض صلاحيات المحكمة العليا الأمر الذي أثار احتجاجات لم يسبق لها مثيل طوال فترة الاحتلال الإسرائيلي.

يتعلق الأمر هذه المرة بمشروع قانون "حجة المعقولية" الجديد.

في الأساس قانون "حجة المعقولية" يسمح للمحاكم، بما في ذلك المحكمة العليا، إلغاء قرار السلطات المنتخبة، إلى الحد الذي يتبين أنه غير معقول". 

وفسرته صحيفة معاريف الإليكترونية الخاصة بالاحتلال قائلة: "هو جزء من آلية الضوابط والتوازنات، وهو أداة مهمة تستخدمها المحكمة لحماية حقوق الشعب ضد القرارات التعسفية للحكومة وسلطات الدولة، فإذا تأثرت قرارات المسؤول المنتخب باعتبارات خارجية أو تمييزية أو تعسفية، أو إذا لم تؤخذ معلومات مهمة في الاعتبار، فيمكن استبعاد مثل هذه القرارات على أساس أنها غير معقولة".

ووفقًا لبنود التعديلات القضائية الخاصة بحكومة الاحتلال، سيتم إلغاء هذا القانون وتعطيل صلاحياته في رفض أو تعديل قرارات الحكومة.

وأعلنت هيئة البث "الإسرائيلية": أن الكنيست أقر قانون التغييرات القضائية بعد التصويت له اليوم الرابع والعشرين من يوليو".

إن التعديلات القضائية الإسرائيلية أن تمر مرور الكرام فهذا ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال يهدد بحل الائتلاف الحاكم ردا على محاولات التوافق بشأن التعديلات القضائية.

 وأيضا ادي هذا التمرير إلى تدهور عام في دولة الاحتلال الإسرائيلي حيث أعلن إعلام الاحتلال: تراجع بورصة تل أبيب 1.6% وانخفاض الشيقل 0.3% أمام الدولار بعد إقرار تقليص قانون "حجة المعقولية".

واذاعت قناة "كان" الخاصة بالاحتلال أن العشرات من الطيارين أبلغوا قادتهم في الدقائق الأخيرة أنهم قرروا التوقف عن الخدمة فورا.

كما قررت العديد من النقابات والمؤسسات الإضراب غدًا. الأمر الذي جعل البيت الأبيض يصدر تصريحاته حول تمرير قانون المعقولية: "من المؤسف أن التصويت تم بهذه الطريقة، إن القرارات الكبيرة بالفعل تحتاج إلى الاجماع، يجب إجراء تغييرات جذرية في الاتفاقات بين الحكومة والمعارضة".

وأخيرًا؛ زيادة حدة الاحتجاجات والمظاهرات التي تقتنع تماما أن خطرًا يحدق بالديمقراطية، وأن نتنياهو والحكومة اليمينية المتشددة سيقلصون استقلال القضاء مع ما تنطوي عليه ذلك من عواقب دبلوماسية واقتصادية وخيمة، ولن ينتهي الأمر ببراءة نتنياهو في قضية فساد قائمة منذ فترة طويلة فحسب بل إن التعديلات ستفتح الباب أمام الفساد وإساءة استخدام السلطة.

 ونظرًا لكون الاحتجاجات هذه المرة أشد قوة وأكثر شراسة ضد نتنياهو وحكومته، فتم رفع درجة تعامل الشرطة مع المحتجين ووقوع إصابات في صفوف المتظاهرين من أبناء دولة الاحتلال.

أخيرًا فنحن نتفق مع المختص في الشأن الصهيوني جمعة التايه الذي صرح: يجب أن نستغل الأزمات الداخلية للكيان الصهيوني لصالح القضية الفلسطينية.

هذا هو الوقت المناسب لوضع الاحتلال الإسرائيلي بين مطرقة المعارضة والانقسام الداخلي في صفوف حكومته وابنائه وسندان المقاومة الفلسطينية والعربية على قلب رجل واحد.

 

الكاتبة مترجمة وباحثة في الاستشراق والشأن الإسرائيلي

تم نسخ الرابط