الأحد 07 يوليو 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

"الصحافة الدينية" خط الدفاع الأول عن المجتمع.. ودعمها أمن قومي

في "صالون حزين عمر الثقافي"

صالون حزين عمر الثقافي
صالون حزين عمر الثقافي

بعد فترة توقف بسبب جائحة كورونا، عاد “صالون حزين عمر الثقافي” بقوة وعقد ندوة مهمة تناولت قضية في غاية الأهمية هي “الصحافة الدينية.. الواقع والتحديات". أكد خلالها خبراء الإعلام والصحافة الدينية أن الصحف الدينية من ركائز الأمن القومي؛ لما تمثله من خط الدفاع الأول عن الهوية الدينية والوطنية، وبناء الوعي وترسيخ الانتماء، ونشر ثقافة التعايش السلمي والتكافل الاجتماعي بين جميع أفراد المجتمع، والإسهام في عمليات التنمية وحث المواطنين على الإخلاص والعمل المتقن والمشاركة الإيجابية في الأنشطة والمشاريع القومية التي تحقق الرفاهية والحياة الكريمة للمواطنين.

صالون حزين عمر الثقافي


ومع عودة صالون حزين عمر شهد مشاركة واسعة من مثقفي مصر والعرب، خاصةً أنه أقيم في معقل المثقفين والفنانين، بمقر “أتيليه القاهرة”، بوسط البلد، برئاسة أحمد الجنايني، وتنسيق: أشرف عامر، عبدالرحمن الداقوفى، إيمان عابدين.


حزين عمر: الأزهر والكنيسة.. حائط صد أمام حملات التغريب


صاحب الصالون، الأديب حزين عمر، أشار إلى أن الصحافة الدينية تعد ركنًا أساسيا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ باعتبار أن الدين أساس هذه المجتمعات، فضلًا على قدرة هذه الصحف على محاربة الإرهاب والتطرف، بنشر الوعي وتعميق الهوية، ومواجهة الأفكار المتشددة والمغلوطة، معتمدة في ذلك على مرجعية الأزهر والكنيسة والثقافة المصرية الأصيلة.

وحذر حزين من عمليات التغريب والأيديولوجيات الغربية وتوجهاتها الشاذة التي يريدون فرضها على مجتمعنا، مثل المفاهيم المغلوطة عن الحرية المطلقة التي يمررون من خلالها للشذوذ تحت مسمى المثلية، والاعتداء على الأديان وازدرائها، وحرق المصحف، وتذويب هويتنا، والدعوة لفصل الدين عن الدولة، مع اختلاف ظروفهم حينما ظهرت هذه الدعوة في عصورهم المظلمة، في حين أن الدين لدينا يمثل الحياة، في ذات الوقت يؤكد ديننا الحرية الكاملة في الاعتقاد “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”. مع احترام كامل لحرية العبادة والاعتقاد.


د. جمال النجار: في خندق واحد مع الدولة الوطنية
 


أما د. جمال النجار، عميد كلية الإعلام بالأزهر سابقا، فأشار إلى أن الصحافة الدينية، والإسلامية تحديدًا، من أعرق الصحف التي ظهرت في مصر مطلع القرن ١٩، وهي تهدف إلى إحياء الفكر المصري والثقافة العربية ودورها المجتمعي، موضحًا أن عدة صحف ومجلات إسلامية صدرت مثلت تيارات مختلفة، بدأت على يد الشيخ علي يوسف بـ”المؤيد”، و”اللواء” لمصطفى كامل، ثم عبدالله النديم، و”المنار” للشيخ رشيد رضا، و”الهداية” لعبد العزيز جاويش، و”المسلمون”، ومجلة نور الإسلام التي صارت الأزهر، ومجلة مجمع البحوث الإسلامية، وصوت الأزهر، وكلها تحارب للحفاظ على الهوية الوطنية والدينية لمصر من خلال تناول قضايا الهوية والانتماء والتغريب، فكانت تشتبك مع كل القضايا والمعطيات الحياتية وليست صحف دينية “صرفة” للعبادات، فالدين هو الحياة، يناقش كل القضايا بمنظور ورؤية إسلامية.
وقال د. النجار: وفي عصرنا الحالي يتعاظم دور الصحافة الدينية ويزداد أهمية لما تتعرض له الأمة العربية والإسلامية والمصرية خصوصا من سيل وحملات غزو ثقافي، وتيارات مأجورة لمحاربة الهوية الوطنية والدينية، تجرف تاريخنا وتشوش فكرنا، مثل يوسف زيدان وإسلام بحيري، والتطاول على الإسلام ومقدساته ورموزه، بل على رسول الله وسنته والقرآن الكريم، بدعم من الصهيونية العالمية.

وذكر د. النجار، أهم التحديات التي تواجه الصحافة الدينية في وجود التيارات: العلمانية، الالحادية، الصهيونية، الماسونية، المأجورة وهي أشدها لأنهم من بنى جلدتنا. ولا منجى لنا ولا نجاح للصحافة الدينية في المواجهة والاستمرار إلا إذا أمن مسؤولوها بأنهم أصحاب رسالة وليس مهنة تدر دخلا.

 

صالون حزين عمر الثقافي

 


مصطفى ياسين: “عقيدتي” نموذج للمزج بين الأصالة والمعاصرة المهنية
 


ومن ناحيته أكد مصطفى ياسين، مدير تحرير "عقيدتي"، في كلمته نيابة عن الكاتب الصحفي محمد الأبنودي رئيس التحرير، أن الموضوعات الصحفية المتعلقة بالقضايا الدينية والعقائدية تعتبر من أشد القضايا تعقيدًا وحساسيةً وإثارةً للجدل- خاصة في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط- لما لها من سمات خاصة تجعل الصحفي الذي يتناول تلك الموضوعات كالشخص الذي يسير على حد السيف، عليه أن ينظر جيدًا أين يضع قدميه في كل خطوة يخطوها. وما هي أنسب الكلمات والعبارات الواضحة التي لا تحتمل اللبس أو المعاني الفضفاضة، بل تكون محددة وواضحة ومباشرة.


عقيدتي نموذجا


واستعرض تجربة إصدار جريدة عقيدتي، كتجربة ومثال حي على هذا النوع من الصحافة الدينية، وتحديدًا، الإسلامية، في ٥ ديسمبر ٩٢، فقال: كلنا أو معظمنا، يدرك ما كان في هذا التوقيت من تطرف وتعصب وصل حد استخدام العنف والإرهاب من قبل بعض الجماعات المتشددة دينيًا تجاه مجموعة مخالفة لها في الدين أو حتى المنهج الفكري، بل تجاه المجتمع كله. وقد عانينا كثيرا مما أدى إليه فكر التكفير لكل شخص بل لكل شيء.
وقد صدرت عقيدتي عن دار الجمهورية للصحافة، كأول إصدار من نوعه يصدر عن إحدى المؤسسات الصحفية القومية، بقرار من الكاتب الصحفي الكبير سمير رجب، وتولى إعدادها في البداية الكاتب الصحفي مؤمن الهباء، ثم أسندت المهمة إلى الكاتب الصحفي السيد عبد الرؤوف، مع كتيبة من الصحفيين الشبان.
واتخذت عقيدتي شعارها ومنهجها، أمره سبحانه وتعالى “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”، ومنذ صدورها وحتى الآن لم تحد عن منهجها، في مواجهة الأفكار المتطرفة، سواء بالتشدد أو الانحلال والتسيب، الإفراط أو التفريط، فكلاهما تطرف، لأن الوسطية والاعتدال إنما هي فضيلة بين رذيلتين، والأديان السماوية ما جاءت إلا بما يصلح حال الناس في حياتهم الدنيا، طمعا ورغبة في الفوز برضوان الله، دنيا وآخرة. وقد اقتحمت واشتبكت مع كل قضايا المجتمع وقدمت الرؤية الإسلامية المعتدلة، بأسلوب صحفي متجدد، مقدمة خطابا دينيًا متجددا، وهو ما يدعو إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وشخص “ياسين” التحديات التي تواجه الصحافة عامة، والدينية خاصة، وأوجزها في:
1- انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واعتماد الكثيرين عليها، خاصة الشباب.
2- تقلُّص نسب وقيمة الإعلانات، أو توجهها إلى وسائل إعلامية أخرى كثيرة ومتعددة. وجميعنا يعلم دور وأهمية الإعلان لأي وسيلة إعلامية.
3- عزوف نسبة كبيرة من الناس عن القراءة بصفة عامة، وخاصة قراءة الصحف، ومنها الدينية.
4- الاهتمام الموسمي المؤقت، بالتوجه نحو الصحف- وايضا البرامج الدينية- في مواسم معينة: شهر رمضان، موالد الأنبياء- عليهم السلام- وخاصة نبي الإسلام والمسيحية.
وهناك جانب مهم جدًا ألا وهو للأسف الشديد افتقاد وافتقار الصحافة بصفة عامة، والدينية على وجه الخصوص، للتدريبات المهنية المتعلقة بالتغطية الصحفية للشؤون الدينية والعقائدية، ما ينعكس سلبا على الاستمرار والديمومة.
والجانب الأكثر أهمية هو توقف ضخ الدماء الجديدة في عروق الصحافة عامة، ومنها بالطبع الدينية، بسبب توقف التعيين أو تجمده منذ فترة تصل لعشر سنوات، في حين أن الخبرة لا تأتي بالتعلم الاكاديمي فقط وانما تعتمد في جانب كبير منها على الممارسة العملية والاحتكاك برواد المهنة، عبر التعامل اليومي.
كما أننا لا نجد بسهولة مراكز تدريب صحفية متخصصة، أو مراكز دراسات صحفية دينية، في هذا المجال. حتى وان وجدت فللأسف يتم إسنادها إلى غير المتخصصين المؤهلين لذلك. بل تبعًا لأهداف وأغراض معينة.
يستدرك “ياسين” قائلًا: لكن، انطلاقا من مبدأ.. (من رحم المعاناة والمحنة يولد الأمل والمنحة)، يمكن استثمار هذه التحديات والعقبات وتحويلها إلى عوامل ترويج ودعم للصحف الدينية وغيرها، كيف؟ بوضع علاج لكل من الأسباب السالف ذكرها: أولا: تسخير وسائل التواصل الافتراضي للترويج والتعريف بهذه الصحف وما تحتويه، بشكل جزئي وليس كاملا، كي تجذب القارئ لاقتناء الجريدة الورقية لا الاستغناء عنها.
ثانيًا: تخفيضات كبيرة على قيمة وتكلفة الإعلانات بحيث تجذب المعلن، مع التوجه لذوي الاختصاص السلعي المرتبط والقريب من منهج وطبيعة الجريدة.
ثالثًا: الاهتمام بقضايا الشباب وإفساح المجال أمام إبداعاتهم وعرض مشكلاتهم ومواهبهم.
رابعًا: التطوير الدائم والمستمر لكل الفنون الصحفية المختلفة، بحيث تكسب الجريدة الورقية في المناسبات الدينية المختلفة، قراء جددا، كانوا موسميين، ليصبحوا دائمين.
يضيف: ومن وجهة نظري فإن سبل المواجهة والتغلب على التحديات، تشمل أيضًا:
1- الاعتماد على الاشتراكات أو التوزيع المباشر لجهات أو مجموعات معينة، بنشر أخبارها وأنشطتها.
2- دعوة بعض الجهات المعنية بالأمور الدينية، لتوفير الدعم بصور مختلفة، لتلك الصحف.
3- فتح قنوات الاتصال والتواصل المباشر مع جمهور القراء، بأبواب صحفية تمس حياة الناس مباشرة، ونشر صورهم ومشكلاتهم، والتهنئة بالمناسبات المختلفة.
4- دعوة جهات الدولة لتوفير الدعم والخدمات اللازمة، باعتبار أن الصحف الدينية، أمن قومى، وخط أحمر، فهي أحد عناصر نشر “الوعى” في مواجهة الأفكار الخاطئة والمتطرفة، وتفنيدها، منعا لمشكلات الفتنة الطائفية، وغيرها من القضايا البغيضة.
5- تنمية وغرس الحرص لدى أولياء أمور الأسر على اقتناء نسخ الصحف الدينية، كنوع من التنشئة والتربية للأبناء.
6- هناك جانب مهم جدًا، يمكن استثماره في دعم وتنشيط الصحافة الدينية، وهو اعتبار شراء الصحف الدينية من بين عناصر “الزكوات والعشور” باعتبارها، أي الصحف الدينية، تساهم في نشر التوعية وتصحيح المفاهيم وترسيخ الوعى والانتماء لدى الجمهور المستهدف وخاصة الشباب، لحمايته من التطرف والانحراف، وما يتبعه من تدمير وتخريب لأهم ثروات البلاد والشعوب، وهم الثروة البشرية.


أحمد عطية: قنبلة موقوتة.. تحتاج لقيادة واعية
 


وعرض أحمد عطية صالح، رئيس تحرير اللواء الإسلامي، لتجربة إصدار جريدته في عصر الرئيس الراحل أنور السادات بهدف فتح الباب أمام الإسلاميين “لفرم” الشيوعيين، كنوع من المعركة السياسية، لذلك فالصحيفة الدينية هي حقل ألغام، وأول من تنفجر فيه هو رئيس التحرير إن لم يكن واعيا ومدركا للواقع من حوله، مشيرًا إلى أن أكثر التحديات التي تواجهها أن في أغلبها يكون القائم عليها غير مؤهل، والمسؤول عنها لا يعرف ماذا يريد منها، والقارئ لا يعرف ما يريده منها.

 

صالون حزين عمر الثقافي


عدم التمييز

 


وأعرب أرمنيوس المنياوي، رئيس تحرير مجلة "آراء وأقلام" الإنجيلية، عن قناعته بعدم التمييز بين صحافة عامة أو دينية، بل حذر من ذلك، مؤكدًا أن الدين يجب أن يكون في المسجد أو الكنيسة فقط حتى تتقدم مصر، واستعرض لتاريخ الصحافة المسيحية في مصر، بداية بالمجلة القبطية عام ١٨٩٥ وكانت تتحدث عن الشأن العام، ثم الشرق والغرب عام ١٩٠٥ للكنيسة الأسقفية، ومدارس الأحد، ثم وطني ١٩٥٠، مجلة الكرازة.

 

صوت الأزهر

 

وأشار محمد رأفت فرج، نائب رئيس تحرير جريدة "صوت الأزهر"، إلى صدورها عام ١٩٩٩ على عهد الإمام الأكبر د. محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، وتميزها بوجود ظهير ديني قوي من المرجعية الدينية لمؤسسة الأزهر، جامعا وجامعة، وقطاعات متنوعة، ومرصد للرد على الأفكار المتطرفة، داخليا وخارجيا، واشتباكها مع كل القضايا المعاصرة وانفتاحها على كل الأديان والمذاهب والآراء الفقهية والثقافية والفلسفية.


مداخلات ثرية


واضافت مداخلات الحضور، للقاء ثراء وعمقا ثقافيًا، وتستحق كل مداخلة مناقشتها في لقاء منفرد، فضلًا عن الفقرات الشعرية التي أضفت على اللقاء جوا مميزا، لكل من: أحمد الشوكي، على نوح، عبدالعليم اسماعيل، منى فهمى، ماجدة جبر.

وتساءل د. عمر محفوظ، عن سبل تقديم صحافة دينية إلكترونية تقدم خطابا واعيا، دون تحزب أو تسييس؟

وأكد أحمد الجنايني، أن الثقافة والتعليم هما أساس بقاء الأمة، والصحافة هي المكون الرئيسي للمجتمع، مطالبًا بفتح النافذة بين الصحافة الدينية والمجتمع.

واستعرضت د. سناء الداوودي، ناشطة المجتمع المدني العراقي، ومتخصصة الطاقة والدعم النفسي، لجوانب الحياة الاجتماعية والدينية في العراق، وتفرقها وتمزقها بين الطوائف والأحزاب والملل المختلفة، خاصةً بعد الغزو عام ٢٠٠٣، وما تبعه من انهيار للبنية التحتية الاجتماعية، والتدخلات الخارجية المتعددة، والحروب الطائفية وتشويه الإسلام، وعدم بزوغ أي بادرة أمل للإصلاح والتصحيح.

وطالب د. جمال عبدالعظيم، بضرورة فتح قنوات تواصل بين الصحافة الدينية والقراء، ومناقشة القضايا المجتمعية كافة دون استثناء.

وتمنى د. ناصر وهدان، مسايرة الصحافة الدينية الورقية للتكنولوجيا المعاصرة، وأن تكون المحامي الأمين عن المجتمع في مناقشة قضاياه الملحة، كالتنمر والطلاق والمساكنة والتقريب بين الأديان والمذاهب.

وأكد الروائي أحمد عبده، أن الصحافة الدينية أحد أبعاد ترسيخ الهوية الوطنية والدينية، معتزا بطبيعة مجتمعنا كـ”كتلة صلبة” شعبا وجيشا.

وطالب ياسر موسى، بمواكبة الصحافة الدينية للأحداث المتسارعة والمتلاحقة بتسخير وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة، مع المزج بين العلوم الأكاديمية وفنون الإخراج الصحفي.

ووصف د. عبدالقادر الهوارى، مصر بالوسطية والاعتدال وعدم التشدد في كل أمورها الدينية أو الدنيوية، مطالبًا بضرورة التخطيط الاستراتيجي لتحقيق مصالحنا بعيدا عن شماعة تآمر الآخر.

وحذر إيهاب أصيل، من اختطاف وسائل التواصل الافتراضي لأبنائنا، واصابتهم بالتسطيح الفكرى والعقلى، مطالبًا بضرورة إيجاد وسيلة لاستعادتهم.

ودعا “سائد محمد”، للربط بين وسائل التواصل المختلفة، وارساء مبدأ الحقيقة، وآداب الحوار، ووجوب تسيير قوافل التوعية في المحافظات.
 

تم نسخ الرابط