قصة ضابط أنقذ العالم من حرب عالمية ثالثة.. كرمه التاريخ وأهانته بلاده
بينما كان العالم قاب قوسين أو أدنى من وقوع حرب عالمية ثالثة، كان ذلك الجندي بالجيش السوفيتي جالسًا أمام جهاز إنذار وهاتف، وكل ما عليه، هو إبلاغ قادته بشن الولايات المتحدة الأمريكية هجومًا محتملًا على بلاده، إلا أنه قرر اتخاذ القرار الصعب، قرار كاد أن يعصف ببلاده ككل وينهي الاتحاد من على وجه الأرض.
قرر الضابط الذي وصفه العالم بالمنقذ، ألا يتسرع في قراره، فحتى وإن كان الإنذار كاذبًا، إلا أن قادته لن يترددوا للحظة أن يشعلوا حربًا لن يمكن إخمادها سوى بزوال الغرب ككل.
إسقاط طائرة كورية
كان الاتحاد السوفيتي يعلم أن الولايات المتحدة، سترد بحرب قد تصل لدرجة السلاح النووي، ردًا على إسقاط الاتحاد السوفياتي طائرة مدنية كورية، مما أدى إلى مقتل جميع ركابها الـ269، ظنّا منه أنها طائرة عسكرية تحلّق فوق الأراضي السوفيتية، وفقا لموقع آرمز كونترول (الحد من التسلح) الأمريكي.
ويُعد إسقاط الطائرة التي كان على متنها أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، سببا كافيا لرد فعل عسكري من قبل المعسكر الغربي والولايات المتحدة، خصوصًا أن الحادث جاء في ظل تصاعد حدة التوتر بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية.
حرب عالمية ثالثة.. إطلاق صواريخ نووية
أنقذ الملازم ستانيسلاف بيتروف، العالم من حرب عالمية ثالثة، حين كان يجلس أمام نظام الإنذار المبكر، الذي يعمل بالأقمار الصناعية، حينما أطلق إنذارًا كاذبًا بانطلاق خمسة صواريخ باليستية أمريكية عابرة للقارات تحمل رؤوسا نووية باتجاه روسيا، مما دفع إلى التكهن باندلاع حرب نووية، وذلك بعد أيام من حادث الطائرة.
"بعد مطالعة البيانات (التي ترجح شن هجوم صاروخي) قلت لنفسي إذا أرسلت هذه التقارير إلى مجموعة القادة، فلم يكن لأحد منهم أن يناقش الأمر. كل ما كان عليّ فعله هو التقاط سماعة الهاتف والتحدث إلى القيادات العليا على الخط المباشر، لكنني آثرت التريث"، كان ذلك تعليق بيتروف، لإذاعة" بي بي سي" البريطانية، عام 2013.
بيتروف الذي قادته الظروف لتلقي تعليمًا مدنيًا، فجعله أقل خشونة وتعصب، كان يعلم أن واشنطن لن تكتفي بإطلاق 5 صواريخ فقط في حال أرادت هجومًا نوويًا على بلاده، لذلك اعتقد أن الإنذار الذي تلقته أجهزته في صباح السادس والعشرين من سبتمبر عام 1983، ما هو إلا إنذار كاذب.
وكان عليه اتخاذ خيار حاسم على الفور، إما التعامل مع التحذير باعتباره إنذارًا كاذبًا أو إبلاغ رؤسائه، الذين من المحتمل أن يشنوا هجومًا مضادًا.
قرار أنقذ العالم من حرب عالمية ثالثة
ورغم أن التدريب الذي تلقاه بيتروف كان يملي عليه أن يبلغ القادة في الجيش السوفيتي على الفور، إلا أنه أجرى اتصالًا بمقر القوات المسلحة وأبلغ عن عطل في نظام الإنذار المبكر، فأنقذ العالم من حرب عالمية ثالثة.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإنه إذا كان بيتروف مخطئًا في قراره، فإن أول انفجار نووي كان سيحدث في غضون دقائق.
"بعد مرور 23 دقيقة، لم يحدث شيء. ولو كان هناك هجوم حقيقي، لكنت أدركت ذلك. وهنالك تنفست الصعداء"، هكذا وصف الضابط السوفيتي، أصعب لحظات مرت عليه في حياته، حيث كان يخشى أن يكن قد اتخذ قرارًا خاطئًا سيدفع هو وبلاده ثمنه مدى الحياة.
وكشفت التحقيقات في هذه الواقعة في وقت لاحق من حدوثها، أن القمر الصناعي الروسي رصد ضوء الشمس المنعكس على بعض السحب وعرفه خطأ بأنه محركات لصواريخ بالستية عابرة للقارات.
السوفييت يكافئ بيتروف بالتسريح
قرار كالذي اتخذه بيتروف أنقذ العالم من دمار كامل، لكنه وبحسب قوانين الجيش السوفيتي، يُعد خذلانًا وتكاسل في تنفيذ التعليمات، ولذلك فقد أصدر الاتحاد عقب تلك الواقعة بأيام، قرارً بتسريح بيتروف من الخدمة.
"التزمت الصمت أكثر من عشر سنوات، ولم أعلق على ذلك القرار، حتى لا يضر بسمعة الجيش السوفيتي"، هكذا كان حال بيتروف الذي رأى أن القرار يمثل خطأ فادح في نظام جيش بلاده، خصوصًا أنهم بدلًا عن تقدير موقفه، قاموا بتسريحه.
إلا أن القدر كان يُخبئ لذلك الضابط المتقاعد مفاجئات أجمل، حيث خلد اسمه في التاريخ كمنقذ للعالم، وحصد على إثر ذلك العديد من الجوائز العالمية.
ورغم تصرفه، إلا أنه لا ينظر إلى نفسه على أنه قام بعمل بطولي، قائلًا: «تلك كانت وظيفتي، لقد كانوا محظوظين لأنني كنت في تلك الدورية دون غيري من الزملاء".
وتوفي بيتروف، الذي تقاعد بعد بلوغه رتبة مقدم في الجيش السوفياتي، في 19 مايو 2017، لكن خبر وفاته لم ينتشر إلا بعد مكالمة هاتفية أجراها المخرج الألماني كاري شوماخر ليهنئه بعيد ميلاده، ليفاجأ بالابن ديمتري بيتروف يخبره بأن والده توفي.
وأعلن شوماخر خبر وفاة ستانيسلاف بيتروف عبر الإنترنت، ثم تناقلته وسائل إعلام من دول مختلفة.