ليبيا تدفع ثمن أزمات النيجر والتشاد.. تدخلات عسكرية وجماعات إرهابية تفككها
لم تتمكن من تضميد جراحها حتى تلقى جراحًا جديدة، إنها ليبيا الدولة التي باتت على مشارف صراع جديد لا ناقة لها فيه ولا جمل، وكأن أكثر من عشر سنوات انقسام وحرب أهلية وصراع مفتوح على جميع الجبهات لا يكفي، حتى تأتيها النيجر والتشاد وتزيدان جراح ليبيا جرحًا.
انقلاب النيجر وتداعياته على ليبيا
فعلى بعد مئات الكيلومترات، تقع النيجر تلك الدولة المهددة بتدخل عسكري قوي من مجموعة "إيكواس"، ضد تحالف كل من المجلس العسكري بالنيجر وبوركينافاسو ومالي، صراع يبدو للوهلة الأولى لا يد لليبيا فيه، إلا أنه سيزيد أثقالها ثُقلًا جديدًا.
وأصبحت ليبيا مهددة، بتزايد مخاطر عمليات تسرب جماعات إرهابية، وشبكات تهريب البشر والسلاح عبر الحدود مع النيجر، وعليه أعلن الجيش الليبي إطلاق عملية عسكرية جنوب البلاد لملاحقة الجماعات الإرهابية الهاربة من النيجر ودول الساحل.
من جانبه، قال المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسمار: إن تحرك القوات الليبية نحو الجنوب لتأمين حدود الدولة ومقدراتها وسلامة مواطنيها جراء الأحداث التي تمر بها المنطقة والإقليم في نطاق دول جنوب الصحراء والساحل من توترات سياسية وأمنية واسعة طيلة الأشهر الماضية.
وأشار المسمار، إلى أن هشاشة الوضع في تلك الدول، وضعف قدرتها على التحكم والسيطرة على حدودها البرية، ساعد في تحرك خلايا من الجماعات الإرهابية والإجرامية بشكل واضح.
ليبيا الأكثر تضررًا من الوضع الأمني في النيجر
أكدت صحيفة "عكاظ"، السعودية، في تقرير نشرته بشأن تأثير الحرب في النيجر على ليبيا، أن الوضع الأمني الحالي في النيجر، أصبح خطرًا وتستغله الجماعات الإرهابية المتطرفة بمكوناتها المختلفة المتمركزة بدول منطقة الساحل لصالحها، لضرب استقرار الدول المجاورة.
وأوضحت الصحيفة، أن منطقة الساحل التي تضم دول «مالي، السنغال، بوركينافاسو، النيجر، تشاد، نيجيريا، الكاميرون» أصبحت أخطر بؤر للإرهاب على مستوى العالم، وتهدد دول الجوار التي من ضمنها دول عربية من بينها ليبيا التي تربطها معها حدود تقدر بـ342 كيلومترا.
لكن ليبيا التي تمر بظروف سياسية وأمنية، جعلتها مطمعًا لعناصر إرهابية، بالدخول إلى أراضيها للسيطرة على مواردها النفطية، لتكون أيضًا مصدرًا لعملياتها التخريبية.
الأمر الذي استدعى من الجيش الوطني الليبي التحرك نحو جنوب البلاد، لمواجهة مخططات وخطر تلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة، بحسب الصحيفة.
نشاط الجماعات الإرهابية
التنظيمات الإرهابية، كان سهلًا عليها خرق الحدود الليبية، قادمين من دول الصراع في القارة السمراء، مستغلين بذلك هشاشة الوضع الأمني في ليبيا وحالة الانقسام التي تعيشها البلاد من 2011.
تلك التهديدات من قِبل التنظيمات الإرهابية وغيرها، تُنذر بمستقبل غامض للمنطقة، ما يستدعي استراتيجية أعمق في ظل تضاؤل سيطرة الحكومات على الأراضي الوعرة والشاسعة على مر السنين.
حيث إن الصراعات الحالية في المنطقة الشمالية من قارة إفريقيا، كشفت عدم القدرة على مواصلة الضغط على الجماعات المتشددة، ما أدى إلى تكبد قوات الأمن في منطقة الساحل خصوصًا خسائر فادحة.
ولحل تلك الأزمة أو الوصول إلى إجراءات من شأنها القضاء على تلك التنظيمات وإعادة الهدوء مجددًا للمنطقة، ترى الصحيفة أنه من الضروري تطوير الاقتصادات وفرص العمل، لتقليص إغراءات الانضمام للتنظيمات الإرهابية.
الأزمة التشادية
لكن أزمات ليبيا لم تقف عند الخوف من نشاط الجماعات الإرهابية أو خرق حدودها وتزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين، فهي محاطة بحزام حدودي ملتهب، حيث تحيطها التشاد، الدولة التي تدشن صراعًا حاليًا ضد المعارضة.
لكن ضعف القوات الأمنية وانقسام ليبيا إلى حكومتين غير متفقتين أدى إلى هشاشة حدودها، ما سمح للقوات الحكومية التشادية باختراق تلك الحدود، والدخول إلى عمق ليبيا لضرب قوات المعارضة والمتمردين، دون الالتزام بأي سيادة أو قوانين دولية.
وفي السياق، أعلن نائب وزير الداخلية التشادي، إبراهيم الأصيل، أن القوات التشادية نفذّت طلعات جوية ضد المجموعات المسلحة المتواجدة في الجنوب الليبي، مشيرًا إلى أن تلك الطلعات الجوية كانت بهدف تمشيط المنطقة من العناصر التي تُعد خارج السيطرة الأمنية الليبية والتشادية.
وأضاف الأصيل، أن تلك المجموعات المسلحة تتمركز منذ فترة طويلة في منطقة جبلية وعرة أقصى الجنوب الليبي والشمال التشادي، موضحًا أن هذه المجموعات تكونت في فترات الفوضى السياسية في ليبيا، إذ شارك بعضهم في النزاعات الليبية - الليبية، وبعضهم أصبحوا مرتزقة.
تصريحات المسؤول التشادي، لم تُشر إلى أي تنسيق مع الجهات الأمنية في ليبيا، ما يعني أن كل عملياتها كانت دون إذن أو سماح ليبي، ما يؤكد أن الدولة باتت في موقف لا تحسد عليه.