زهرة الدفن لدى إنسان نياندرتال تشكك في نظريات عن البشر القدماء
دفع اكتشاف قبر في عام 1960 الباحثين إلى توقع أن إنسان نياندرتال قد دفن موتاه بالزهور، وهو ما يجعل الرأي السائد بأن البشر القدماء أغبياء ووحشيون، موضع شك.
ويقول العلماء بأن الأدلة الرئيسية التي قد عثر عليها من الموقع المكتشف، وهي التي ساعدت على دراسة إنسان نياندرتال، ربما قد أسيء تفسيرها.
وقد اكتشف عالم الآثار رالف سوليكي زهرة الدفن، كما تم تمسيتها، أثناء استكشافه كهف شانيدرا في إقليم كردستان شمال العراق.
تم اكتشاف إنسان نياندرتال في الخمسينيات، وفي عام 1960 تم التعرف على على هيكل عظمي لذكر أصبح يعرف باسم شانيدرا، وكانت البقايا التي يبلغ عمرها 65 ألف عام محاطة بكتل من حبوب اللقاح.
ليسوا بشرا وحشيين لكنهم مثل العديد من البشر الحاليين
وافترضت عالمة الآثار والخبيرة في حبوب اللقاح أرليت ليروي جورهان أن هذه الكتل كانت من الجزء المحتوي على حبوب اللقاح في الزهور، واقترحت هي وعالم الآثار رالف سوليكي أن إنسان نياندرتال قد وضع الزهور على القبور كما يفعل الكثير من البشر اليوم.
وقال الأستاذ الفخري في جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة كريس هانت، وهو المؤلف الرئيسي لدراسة جديدة موقع شانيدر: "سوف تجد هذه القصة في العديد من كتب الآثار المدرسية حتى يومنا هذا، حيث إنه من أحد الأشياء التي قد اقتنع بها سوليكي أن إنسان نياندرتال لم يكن مجرد شرير وحشي، وهو ما كان يعتقده الناس حتى هذه اللحظة، لكن في الواقع إنهم كانوا أفرادا مهتمين حيث كانوا يعتنون ببعضهم البعض."
وعلى مر السنين وجد العلماء أدلة إضافية على ذكاء وتعقيد إنسان نياندرتال، بما في ذلك الفن والخيوط والأدوات التي استخدموها، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد أي قيمة لعناصر نظرية دفن الزهور.
لقد كان الأستاذ الفخري في جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة كريس هانت وزملاؤه يعملون سويا في كهف شانيدرا عام 2014 عندما عثروا على حبوب القاح القديمة على سطح أرضية الكهف، ولو أنهم واصلوا البحث لكانوا قد عثروا على بقايا إنسان نياندرتال تحت رواسب وحطام عمرها آلاف السنين، تماما مثل الهياكل العظمية لإنسان نياندرتال.
وتطرح الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة العلوم الأثرية فرضية بديلة، فبدلا من وصول حبوب اللقاح إلى الكهف عبر باقات جنائزية، ربما قد تكون ارتبطت بالملقحات التي تعيش في الكهف.
وقال هانت إنه افترض في البداية أن الآثار كانت من بقايا أعمال التنقيب التي استمرت لعقود من الزمان.
حبوب اللقاح المكتشفة ليس لها علاقة بإنسان نياندرتال
وأظهر تحليل حبوب اللقاح أن عمرها يرجع إلى آلاف السنين وليست حديثة كما اعتقد هانت سابقا، ولكن التحاليل أثبتت فكرة أن حبوب اللقاح كانت تشق طريقها إلى الكهف بشكل مستقل عن البشر أو عن إنسان نياندرتال.
والمزيد من الاكتشافات حول كتل حبوب اللقاح الموجودة بجانب الهياكل العظمية يزيد من الشك حول الفرضية الأصلية.
جاءت حبوب اللقاح من زهورر تتفتح في أوقات مختلفة من العام، ما يجعل من الصعب معرفة كيف يمكن لتلك لحبوب أن تتجمع معا.
وعندما فحص هانت الرسوم التوضيحية التي رسمتها عالمة الآثار والخبيرة في حبوب اللقاح أرليت ليروي جورهان لحبوب اللقاح المكتشفة في كهف شانيدرا 4، رأى أن إحدى الكتل تحتوي على حبوب لقاح أكثر من نوع واحد من النباتات.
ولكن هناك طريقة سهلة جدا لالتصاق حبوب اللقاح من أنواع مختلفة من الزهور معا، وتلك الطريقة تتم عن طريق النحل.
واستطاع هانت أن يجد أمثلة على الجحور القديمة والحديثة في كهف شانيدرا التي صنعها النحل الذي يعشش على الأرض.
وفي الوقت الذي لم يستطيع زملاء هانت في العثور على آثار لحبوب اللقاح في تلك الجحور، إلا أنه قال: "ما زلت أعتقد أنها طريقة محتملة جدا لوصول حبوب اللقاح بالقرب من مقابر الإنسان البدائي."